إلا أنه شدَّد التاء، وباقي السبعة:» قاتَل «، وكلٌّ مِنْ هذه الأفعال يَصْلُح أَنْ يرفعَ ضمير» نبي «وأن يرفعَ ربِّيِّين على ما تقدَّم تفصيلُه. وقال ابن جني:» إنَّ قراءة «قُتِّل» بالتشديد يتعيَّن أن يُسْنَدَ الفعل فيها إلى الظاهر، أعني ربيين. قال:«لأنَّ الواحدَ لا تكثيرَ فيه» . قال أبو البقاء:«ولا يمتنعُ أنْ يكونَ فيه ضمير الأول لأنه في معنى الجماعة» انتهى. يعني أنَّ «من نبي» المرادُ به الجنسُ فالتكثيرُ بالنسبة لكثرةِ الأشخاصِ لا بالنسبةِ إلى كلِّ فردٍ فردٍ، إذ القتلُ لا يتكثَّر في كلِّ فرد. وهذا الجوابُ الذي أجابَ به أبو البقاء استشعر به أبو الفتح وأجابَ عنه. قال:«فإِنْ قيل: يُسْنَدُ إلى» نبي «مراعاةً لمعنى» كم «فالجوابُ: أنَّ اللفظَ قد فَشَا على جهةِ الإِفرادِ في قوله: {مِّن نَّبِيٍّ} ، ودلَّ الضميرُ المفردُ في» معه «على أن المرادَ إنما هو التمثيلُ بواحدٍ، فخرج الكلامُ عن معنَى» كم «. قال:» وهذه القراءةُ تُقَوِّي قولَ مَنْ قال: إنَّ «قُتِل» و «قاتَل» يُسْندان إلى الربِّيِّين.
قال الشيخ:«وليس بظاهر لأنَّ» كأين «مثلُ» كم «، وأنت إذا قلت:» كم مِنْ عانٍ فككتُه « [فأفرَدْتَ] راعَيْت لفظَها، ومعناها جَمعٌ، فإذا قلت:» فَكَكْتُهم «راعيتَ المعنى، فلا فرق بين» قُتل معه ربيون «و» قُتِل معهم رِبِّيُّون «، وإنما جاز مراعاةُ اللفظِ تارةً والمعنى أخرى في» كم «و» كأين «لأنَّ معناهما» جَمْعٌ «، و» جَمْعٌ «يجوزُ فيه ذلك، قال تعالى:
{أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُّنتَصِرٌ سَيُهْزَمُ الجمع وَيُوَلُّونَ الدبر}[القمر: ٤٤-٤٥] فراعى اللفظَ في قولِه «منتصِرٌ» والمعنى في قوله: «يُوَلُّون» .