وقوله:{وَمَا استكانوا} فيه ثلاثةُ أقوالٍ: أحدُها: أنه استَفعل من الكونِ، والكونُ: الذُّلُّ، وأصلُه: اسْتَكْوَن، فَنُقِلَتْ حركةُ الواو على الكاف، ثم قُلِبَتِ الواوُ ألفاً. وقال الأزهري وأبو عليّ:«هو من قول العرب:» بات فلان بِكَيْنَةِ سوءٍ «على وزِن» جَفْنة «أي: بحالةِ سوءٍ» فألفُه على هذا من ياءِ، والأصلُ: اسْتَكْيَنَ، ففُعِل بالياء ما فُعِل بأختها.
الثالث: قال الفراء: «وزنُه افْتَعَل من السكون، وإنما أُشْبعت الفتحةُ فتولدُ منها ألفٌ كقوله:
١٤٦٢ - أعوذُ باللهِ من العَقْرابِ ... الشَّائِلاتِ عُقَدَ الأَذْنَابِ
يريد: العَقْرَب الشائلةَ» . ورُدَّ على الفراء بأنَّ هذه الألفَ ثابتةٌ في جميع تصاريفِ الكلمةِ نحو: استكانَ يَسْتكين فهو مُسْتَكِين ومُسْتَكان إليه استكانةً، وبأنَّ الإِشباعَ لا يكونُ إلا في ضرورةٍ. وكلاهما لا يَلْزَمُه: أمَّا الإِشباعُ فواقعٌ في القراءاتِ السبعِ كما سيمرُّ بك، وأمَّا ثبوتُ الألفِ في تصاريف الكلمةِ فلا يَدُلُّ أيضاً؛ لأنَّ الزائد قد يلزَمُ ألا ترى أنَّ الميمَ في تَمَنْدل وتَمَدْرَعَ زائدةٌ، ومع ذلك هي ثابتةٌ في جميعِ تصاريفِ الكلمة قالوا: تَمَنْدل يَتَمَنْدَلُ تَمَنْدُلاً فهو مُتَمَنْدِلٌ ومُتَمَنْدَلٌ به، وكذا تَمَدْرَع، وهما من النَّدْل والدِّرْع. وعبارةُ أبي البقاء أحسنُ في الردِّ فإنه قال:«لأنَّ الكلمة في جميعِ تصاريفِها ثبتَتْ عينُها والإِشباعُ لا يكونُ على هذا الحدِّ» .