أوجه، الأولُ من وجوه «أَمَنَةً» : أنها مفعولُ «أَنْزَل» . الثاني: أنها حال من «نُعاساً» لأنها في الأصل صفةُ نكرةٍ فلمَّا قُدِّمتْ نُصِبَتْ حالاً. الثالث: أنها مفعولٌ من أجله، وهو فاسدٌ لاختلالِ شرطٍ وهو اتحادُ الفاعل، فإنَّ فاعل «أَنْزل» غيرُ فاعلِ الأمَنةِ. الرابع، أنه حالٌ من المخاطبين في «عليكم» ، وفيه حينئذٍ تأويلان: إمَّا على حَذْفِ مُضافٍ أي: ذوي أمنةٍ، وإمَّا أن يكونَ «أَمَنَةً» جمعَ «آمِن» نحو: بار وبَرَرة، وكافِر وكَفَرة.
وأَمَّا «نُعاساً» فإنْ أَعْربنا «أمنةً» مفعولاً به كان بدلاً، وهو بدلُ اشتمال، لأنَّ كلاًّ مِنْ الأمنةِ والنعاس يشتمل على الآخر، أو عطفَ بيانٍ عند غيرِ الجمهور، فإنهم لا يشترطون جريانَه في المعارف، أو مفعولاً من أجلِه وهو فاسدٌ بما تقدَّم، وإنْ أَعْرَبْنا «أمنةً» حالاً كان مفعولاً ب «أَنْزل» عطفٌ على قولِه: «فأثابكم» ، وفاعلُه ضميرُ اللهِ تعالى، وأل في «الغمّ» للعهدِ، لتقدُّم ذِكْرِه.
ورَدَّ الشيخ على الزمخشري كونَ «أمنةً» مفعولاً له بما تقدَّم، وفيه نظرٌ، فإنَّ الزمخشري قال:«أو مفعولاً له بمعنى: نَعِسْتُمْ أَمَنَةً» فقدَّر له عاملاً يتَّحِدُ فاعلُه مع فاعل «أمنةً» فكأنه استشعر السؤالَ، فلذلك قَدَّر عاملاً، على أنه قد يُقال: إنَّ الأمَنة من الله تعالى، بمعنى أنه أَوْقَعها بهم، كأنه قيل: أنزل عليكم النُّعاس ليُؤْمِنَكم به، و «أمنة» كما تكون مصدراً لمِنْ وَقَع به الأمن تكونُ مصدراً لِمَنْ أَوْقعه.
وقرأ [الجمهور:«أَمَنَةً» بفتح الميم: إمَّا مصدراً بمعنى الأمن، أو جمع «آمِن» على ما تقدَّم تفصيله. والنخعي وابن محيصن] بسكون الميم، وهو مصدرٌ فقط، وكلاهما للمَرَّة.