العبادةِ التوحيدُ، ويجوز أن يتعلَّقَ ب «الذي» إذا جعلتَه خبرَ مبتدأ محذوفٍ، أي هو الذي جعل لكم هذه الآياتِ العظيمةَ والدلائلَ النَّيِّرة الشاهدَةَ بالوَحْدانية فلا تَجْعلوا له أنداداً. وقال الزمخشري:«يتعلَّق ب» لعلَّكم «على أن ينتصِبَ» تجعلوا «انتصابَ {فَأَطَّلِعَ}[غافر: ٣٧] في قراءةِ حَفْص، أي: خلقكم لكي تَتَّقوا وتخافوا عقابَه فلا تُشَبِّهوه بخَلْقه، فعلى قولِه: تكون» لا «نافيةً، والفعلُ بعدها منصوبٌ بإضمارِ» أَنْ «في جوابِ الترجِّي، وهذا لا يُجيزه البصريون، وسيأتي تأويلُ» فأطَّلِع «ونظائِرِه في موضعِه إنْ شاء الله تعالى.
قوله تعالى:{وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} جملةٌ من مبتدأ وخبرٍ في محلِّ نصب على الحال، ومفعولُ العِلْم متروكٌ لأنَّ المعنى: وأنتم من أهلِ العِلم، أو حُذِف اختصاراً أي: وأنتم تعلمونَ بُطْلانَ ذلك. والاسمُ من» أنتم «قيلَ: أَنْ، والتاءُ حرفُ خطاب يتغيَّرُ بحَسبِ المخاطب. وقيل: بل التاءُ هي الاسمُ وأَنْ عمادٌ قبلها. وقيل: بل هو ضميرٌ برُمَّتِه وهو ضميرُ رفعٍ منفصلٌ، وحكمُ ميمِه بالنسبة إلى السكونِ والحركةِ والإِشباعِ والاختلاسِ حكمُ ميم هم، وقد تقدَّم جميعُ ذلكَ.