قولُه:{أَلاَّ نُؤْمِنَ} في «أَنْ» وجهان، أحدُهما: أنها على حذفِ حرفِ الجر، والأصلُ: في أن لا نؤمِنَ، وحينئذ يَجِيء فيها المذهبان المشهوران: أهي في محلِّ جر أو نصب. والثاني: أنها مفعولٌ بها على تضمينِ: «عهد» معنى أَلْزَمَ، تقول:«عَهِدْتُ إليه كذا» أي: أَلْزَمْته إياه، فهي على هذا في محلِّ نصب فقط.
و «أَنْ» تُكتب متصلةً ومنفصلةً اعتباراً بالأصلِ أو بالإِدغام. ونَقَل أبو البقاء أنَّ منهم مَنْ يَحْذِفُها في الخطِّ اكتفاءً بالتشديد. وحكى مكيّ عن المبرد أنها إنْ أُدْغِمَتْ بغنةٍ كُتِبت متصلةً وإلاَّ فمنفصلةً، ونُقِل عن بعضِهم أنها إنْ كانت مخففةً كُتِبَتْ منفصلةً، وإنْ كانَتْ ناصبةً كُتِبَتْ متصلةً، والفرقُ أنَّ المخففةَ معها ضمير مقدرٌ، فكأنه فاصلٌ بينهما بخلافِ الناصبة، وقولُ أهل الخطِّ في مثل هذا:«تُكْتب متصلة» عبارةٌ عن حَذْفِها في الخطِّ بالكلية اعتباراً بلفظ الإِدغام لا أنَّهم يكتبونها متصلةً، ويُثْبتون لها بعضَ صورتِها فيكتبون: أَنْلا، والدليلُ على ذلك أنهم لَمَّا قالوا في «أم من» و «أم ما» ونحوِه بالاتصال إنما يعنون به كتابةَ حرفٍ واحد فيكتبون: أمّن وأمَّا. وفهم أبو البقاء أنَّ الاتصال في ذلك عبارةٌ عن كتابتهم لها بعضَ صورتها ملصقةً ب «لا» ، والدليلُ على أنه فَهِم ذلك أنه قال:«ومنهم مَنْ يَحْذِفُها في الخط اكتفاءً بالتشديد» فَجَعَلَ الحذف قسيماً للوصلِ والفصلِ، ولا يقولُ أحدٌ بهذا.
وتَعَدَّى «نُؤْمِنُ» باللامِ لتضمُّنِه معنى الاعترافِ، وقد تقدَّم في أولِ البقرة.