١٥٠٥ - مثلُ القنافِذِ هَدَّاجون قد بلغَتْ ... نجرانُ أو بُلِّغَتْ سواءِتهمْ هَجَرُ
الأصلُ: عَرَضْتُ الحوض على الناقةِ، ويَوْم تُعْرَضُ النارُ عليهم، وأدخلت رأسي في القَلَنْسوة، وبُلِّغَتْ سوءاتُهم هجراً، فَقَلب، وسيأتي خلاف الناس في القلب بأشبعَ من هذا عند موضعِه، وكان أبو البقاء قد قَدَّم قبل هذا أنَّ التأنيثَ في «ذائقة» إنما هو باعتبار معنى «كل» ، وقال:«لأنَّ كلَّ نفسٍ نفوسُ، ولو ذُكِّر على لفظِ» كل «جاز» ، يعني أنه لو قيل:«كلُّ نفس ذائقٌ كذا» جاز، وقد تقدَّم لك أو البقرةِ أنه يَجِبُ اعتبارُ لفظِ ما تُضاف إليه «كل» إذا كان نكرةً، ولا يجوزُ أن تَعْتَبِر «كلَ» ، وتحقيقُ هذه المسألةِ هناك.
قوله:{وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ}«ما» كافةٌ ل «إنَّ» عن العمل وقد تقدَّم مثلُها. وقال مكي:«ولا يجوزُ أَنْ تكونَ» ما «بمعنى الذي لأنه يلزم رفعُ» أجوركم «، ولم يَقْرأ به أحدٌ؛ لأنَّه يصير التقديرُ:» وإنَّ الذي تُوَفَّوْنه أجورُكم، كقولك:«إنَّ الذي أكرمتموه عمروٌ» وأيضاً فإنك تفرِّق بين الصلةِ والموصولِ بخبر الابتداء «يعني لو كانت» ما «موصولةً لكانت اسمَ» إنَّ «فيلزمُ حينئذٍ رفعُ» أجوركم «على خبرها كقولِه تعالى:
{إِنَّمَا صَنَعُواْ كَيْدُ سَاحِرٍ}[طه: ٦٩] ، ف «ما» هنا يجوزُ أن تكونَ بمعنى الذي أو مصدريةً تقديرُه: إنَّ الذي صَنَعوه أو: إنَّ صُنْعَهم، ولذلك رُفِع «كيد» خبراً لها. وقولُه:«وأيضاً فإنَّك تفرِّقُ» يعني أن «يوم القيامة» متعلِّقٌ ب «تُوَفَّوْن» فهو من تمامِ الصلة، فلو كانت «ما» موصولةً لفَصَلْتَ بالخبرِ الذي هو «أجوركم» بين أبعاضِ الصلةِ التي هي الفعلُ ومعموله، ولا يُخْبَر عن موصولٍ إلا بعد تمام صلتِه، وهذا وإنْ كانَ من الواضحاتِ إلا أنَّ فيه تنبيهاً على أصولِ العلمِ.