و «خَلْق» فيه وجهان، أحدُهما: أنه مصدرٌ على أصله أي: يتفكرون في صنعة هذه المخلوقات العجيبة، ويكون مصدراً مضافاً لمفعوله. والثاني: أنه بمعنى المفعول أي: في مخلوق السماوات والأرض، وتكون إضافتُه في المعنى إلى الظرف أي: يتفكرون فيما أودع الله هذين الظرفين من الكواكب وغيرِها. وقال أبو البقاء:«وأن يكون بمعنى المخلوق؛ ويكون من إضافةِ الشيءِ إلى ما هو في المعنى» وهذا كلامٌ متهافتٌ إذ لا يُضاف الشيءُ إلى نفسِه، وما أَوْهم ذلك يُؤَوَّل.
قوله:«ربَّنا» هذه الجملة في محلِّ نصب بقول محذوف تقديره: يقولون. والجملةُ القولية فيها وجهان، أظهرهما: أنها حال من فاعل «يتفكرون» أي: يتفكرون قائلين: ربنا، وإذا أعربنا «يتفكرون» حالاً كما تقدم فتكونُ الحالان متداخلتين. والوجه الثاني: أنها في محلِّ رفعٍ خبراً ل «الذين» على قولِنا بأنه مبتدأ، كما تقدَّم نَقْلُه عن أبي البقاء.
و «هذا» في قوله: {مَا خَلَقْتَ هَذا} إشارةٌ إلى الخَلْق إن أريد به المخلوق. وأجاز أبو البقاء حالَ الإِشارة إليه ب «هذا» أن يكون مصدراً على حالِه لا بمعنى المخلوق. وفيه نظرٌ، أو إلى السماوات والأرض، وإنْ كانا شيئين كلٌّ منهما جَمْعٌ، لأنهما بتأويل: هذا المخلوق العجيب، أو لأنهما في معنى الجمع فأُشير إليهما كما يشار إلى لفظ الجمع.
قوله:{بَاطِلاً} في نصبه خمسةُ أوجه، أحدها: نعت لمصدر محذوف أي: خلقاً باطلاً، وقد تقدم أن سيبويه يجعل مثلَ هذا حالاً من ضميرِ ذلك المصدر. الثاني: أنه حالٌ من المفعول به وهو «هذا» . الثالث: أنه على