حواء، وهي المُعَبَّرُ عنها بالزوجِ، قبل خلقنا، ولا حاجة إلى ذلك، لأنَّ الواو لا تقتضي ترتيباً على الصحيح.
الثالث: أنه عطفٌ على «خَلَقَكم» فهو داخلٌ في حَيِّز الصلةِ، والواوُ لا يُبالى بها، إذ لا تقتضي ترتيباً. إلا أن الزمخشري خَصَّ هذه الوجهَ بكونِ الخطابِ في {ياأيها الناس} لمعاصري الرسول عليه السلام فإنه قال: «والثاني: أن يُعْطَفَ على» خلقكم «ويكون الخطابُ للذين بُعِث إليهم الرسول، والمعنى: خَلَقكم من نفس آدم، لأنَّهم مِنْ جملةِ الجنسِ المفرَّعِ منه، وخَلَقَ منها أُمَّكم حواء» . فظاهرُ هذا خصوصيَّةُ الوجهِ الثاني بكون الخطابِ للمعاصرين، وفيه نَظَرٌ. وقَدَّر بعضُهم مضافاً في «منها» أي: «مِنْ جنسِها زوجَها» ، وهذا عند مَنْ يرى أن حواء لم تُخْلق من آدم، وإنما خُلِقت من طينة فَضَلَتْ من طينة آدم، وهذا قولٌ مرغوب عنه.
وقرىء:«وخالِقٌ وباثٌّ» بلفظِ اسمِ الفاعل. وخَرَّجه الزمخشري على أنه خبرُ مبتدأ محذوفٍ أي: وهو خالقٌ وباثٌّ. يقال: بَثَّ وأَبَثَّ بمعنى «فَرَّق» ثلاثياً ورباعياً.
وقوله:{كَثِيراً} فيه وجهان، أظهرُهما: أنه نعتٌ ل «رجالاً» قال أبو البقاء: «ولم يؤنِّثْه حَمْلاً على المعنى، لأنَّ» رجالاً «عدد أو جنس أو جمع، كما ذكَّر الفعلَ المسندَ إلى جماعة المؤنث كقوله:{وَقَالَ نِسْوَةٌ}[يوسف: ٣٠] .
والثاني: أنه نعت لمصدر تقديره: وبث منهما بَثّاً كثيراً. وقد تقدم أن