النَّحْل نظراً إلى فِعله، فكأن «نَحَلْتُه» أعطيته عطيةَ النحل «ثم قال:» ويجوز أن تكونَ النِّحْلة أصلاً فسُمِّي النحلُ بذلك اعتباراً بفعله «وقال الزمخشري:» مِنْ نَحَله كذا: أعطاه إياه، ووهبَه له عن طيبِ نفسِه، نِحْلة ونَحْلاً، ومنه حديثُ أبي بكر رضي الله عنه:«إني كنت نَحَلْتُكِ جَدادَ عشرينَ وَسْقاً» .
قوله:«منه» في محل جر، لأنه صفة ل «شيء» فيتعلق بمحذوف أي: عن شيء كائنٍ منه. و «مِنْ» فيها وجهان، أحدهما: أنها للتبعيض، ولذلك لا يجوز لها أن تَهَبَهُ كلَّ الصَّداق. وإليه ذهب الليث. والثاني: أنها للبيان، ولذلك يجوزُ أن تَهَبَه كل الصَّداق. قال ابن عطية:«و» مِنْ «لبيان الجنس ههنا، ولذلك يجوز أن تَهَبَ المهر كله، ولو وقعت على التبعيض لما جاز ذلك» .
انتهى. وقد تقدَّم أن الليث يمنع ذلك فلا يُشْكِل كونها للتعبيض.
وفي هذا الضمير أقوال، أحدها: أنه يعود على الصَّداق المدلول عليه ب «صَدُقاتِهِنَّ» . الثاني: أنه يعود على «الصَّدُقات» لسدِّ الواحدِ مَسَدَّها، لو قيل:«صَداقَهُنَّ» لم يختلَّ المعنى، وهو شبيهٌ بقولِهم:«هو أحسنُ الفتيان وأجملُه» لأنه لو قيل: «هو أحسن فتىً» لصحَّ المعنى، ومثلُه:
١٥٣٩ - وطابَ ألبانُ اللِّقاح وبَرَدْ ... في «برد» ضميرٌ يعود على «ألبان» لسدِّ «لَبَن» مسدَّها. الثالث: أنه يعودُ على «الصَّدُقات» أيضاً، لكن ذهاباً/ بالضمير مذهبَ الإِشارة، فإن اسم الإِشارة قد يُشار به مفرداً مذكراً إلى أشياء تقدَّمته كقولِه: {قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ