من أجله، وشروطُ النصبِ موجودةٌ. والثاني: أنه مصدرٌ في محل نصب على الحال أي: يأكلونه ظالِمين، والجملةُ مِنْ قولِه:{إِنَّمَا يَأْكُلُونَ} في محلِّ رفعٍ خبراً ل «إنَّ» ، وفي ذلك دلالةٌ على وقوعِ خبر «إنَّ» جملةً مصدرةً ب «إنَّ» وفي ذلك خلافٌ. قال الشيخ:«وحَسَّنة هنا وقوعُ اسمِ» إنَّ «موصولاً فطال الكلامُ بصلةِ الموصولِ، فلمَّا تباعَدَ لم يُبالَ بذلك، وهذا أحسنُ مِنْ قولِك:» إنَّ زيداً إنَّ أباه منطلقٌ «. ولقائلٍ أن يقول:» ليس فيها دلالةٌ على ذلك؛ لأنَّها مكفوفةٌ ب «ما» ، ومعناها الحصرُ فصارت مثلَ قولِك في المعنى:«إنَّ زيداً ما انطلق إلا أبوه» وهو مَحَلُّ نظر.
قوله:{فِي بُطُونِهِمْ} فيه وجهان أحدُهما: أنه متعلِّقٌ ب «يأكلون» أي: بطونُهم أوعيةٌ للنار: إمَّا حقيقةً بأن يَخلق اللهُ لهم ناراً يأكلونها في بطونِهم، أو مجازاً بأَنْ أطلق المُسَبَّبَ وأراد السببَ. الثاني: أنه متعلقٌ بمحذوفٍ؛ لأنه حالٌ مِنْ «ناراً» ، وكان في الأصلِ صفةً للنكرة فلمَّا قُدِّمَتْ انتصبَتْ حالاً.
وذَكَر أبو البقاء هذا الوجهَ عن أبي علي في «تذكرته» ، وحَكَى عنه أنه منع أن يكونَ ظرفاً ل «يأكلون» ، فإنَّه قال:{فِي بُطُونِهِمْ نَاراً} قد تقدَّم في البقرة منه شيءٌ، ويخصُّ هذا الموضع أن «في بطونهم» حالٌ من «ناراً» أي: ناراً كائنةً في بطونِهم، وليس بظرفٍ ل «يأكلون» ، ذكره في «التذكرة» . وفي قوله:«والذي يَخُصُّ هذال الموضع» فيه نظر، فإنه كما يجوز أن يكونَ «في بطونهم» حالاً من «نار» هنا يجوز أن يكونَ حالاً من «النار» في البقرة، وفي إبداء الفرقِ عُسْرٌ، ولم يظهر في منعِ أبي علي كونَ «في بطونهم» ظرفاً للأكل وجهٌ ظاهر.