هو المؤمنات أي: فلينكح الفتيات المؤمنات، و «مِمَّا ملكت» على ما تقدم في الوجه قبله، و «من فتياتكم» حالٌ من ذلك العائد المحذوف. الخامس: أنَّ «مما» في محل رفع خبراً لمبتدأ محذوف تقديره: فالمنكوحة مما ملكت. السادس: أن «ما» في «ممَّا» مصدريةٌ أي: فلينكح مِنْ مِلْك أيمانكم، ولا بد أن يكونَ هذا المصدرُ واقعاً موقع المفعول نحو:{هذا خَلْقُ الله}[لقمان: ١١] ليَصِحَّ وقوع النكاح عليه. السابع وهو أغربُها ونُقِل عن جماعة منهم ابن جرير «أن في الآية تقديماً وتأخيراً وأن التقدير: ومَنْ لم يستطع منكم طوْلاً أن ينكح المحصنات المؤمنات فلينكح بعضُكم من بعض الفتيات، ف» بعضُكم «فاعل ذلك الفعل المقدر، فعلى هذا يكون قوله:{والله أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ} معترضاً بين ذلك الفعل المقدر وفاعِله. ومثلُ هذا لا ينبغي أن يقال.
قوله:{والله أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ} جملةٌ من مبتدأ وخبر، وجيء بها بعد قوله {مِّن فَتَيَاتِكُمُ المؤمنات} ليفيدَ أنَّ الإِيمان الظاهر كافٍ في نكاحِ الأَمَةِ المؤمنةِ ظاهراً، ولا يشترط في ذلك أَنْ يَعْلَمَ إيمانَها علماً يقيناً، فإنَّ ذلك لا يطَّلِعُ عليه إلا اللهُ تعالى، وفيه تأنيس أيضاً بنكاحِ الإِماء فإنهم كانوا يَنْفِرون من ذلك.
قوله:{بَعْضُكُمْ مِّن بَعْضٍ} مبتدأٌ وخبر أيضاً، جيء بهذه الجملة أيضاً تأنيساً بنكاح الإِماء كما تقدم، والمعنى: أن بعضكم من جنس بعض في النسب والدين، فلا يترفَّع الحُرُّ عن نكاح الأمةِ عند الحاجة إليه، وما أحسنَ قولَ أمير المؤمنين علي:» الناسُ من جهة التمثيل أَكْفاء، أبوهم آدم والأم حواء «.
قوله:{بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ} متعلق ب» انكحوهن «، وقَدَّر بعضهم مضافاً محذوفاً أي بإذنِ أهل ولايتهن، وأهلُ ولايةِ نكاحهنَّ هم المُلاَّك.