وقرأ عبد الله وهي في مصحفه كذلك «فالصوالحُ قوانتٌ حوافظٌ» بالتكسير. قال ابن جني:«وهي أشبهُ بالمعنى لإِعطائها الكثرةَ، وهي المقصودةُ هنا» ، يعني أنَّ فواعل من جموع الكثرة، وجمعُ التصحيحِ جمعُ قلة ما لم يَقْتَرِنْ بالألفِ واللام. وظاهرُ عبارة أبي البقاء أنه للقلة وإن اقترن ب «أل» فإنه قال: «وجَمْعُ التصحيح لا يَدُلُّ على الكثرة بوضعه، وقد استُعْمل فيها كقوله تعالى:{وَهُمْ فِي الغرفات آمِنُونَ}[سبأ: ٣٧] . وفيما قاله أبو الفتح وأبو البقاء نظرٌ، فإنَّ» الصالحات «في القراءة المشهورة معرفةٌ بأل، وقد تقدَّم أنه تكونُ للعموم، إلا أنَّ العمومَ المفيدَ للكثرةِ ليس مِنْ صيغةِ الجمع، بل من» أل «، وإذا ثبت أن الصالحات جمعُ كثرة لزم أن يكون» قانتات «و» حافظات «للكثرة لأنه خبرٌ عن الجميع، فيفيدُ الكثرة، ألا ترى أنك إذا قلت:» الرجال قائمون «لَزِم أن يكونَ كلُّ واحدٍ من الرجال قائماً، ولا يجوز أن يكون بعضهم قاعداً، فإذاً القراءة الشهيرة وافية بالمعنى المقصود.
قوله:{فِي المضاجع} فيه وجهان، أحدهما: أن» في «على بابها من الظرفية متعلقة ب» اهجروهن «أي: اتركوا مضاجعتهن أي: النومَ معهن دونَ كلامِهن ومؤاكلتهن. والثاني: أنها للسبب قال أبو البقاء:» واهجروهُنَّ بسبب المضاجع كما تقول: «في هذه الجنايةِ عقوبةٌ» وجَعَل مكي هذا الوجه متعيناً، ومنع الأول، قال:«ليس» في المضاجع «ظرفاً للهجران، وإنما