محل رفع خبراً لمبتدأ محذوف أي: فكيف حالُهم أو صنعُهم؟ والعامل في «إذا» هو هذا المقدر. والثاني: أنها في محلِّ نصب بفعل محذوف أي: فيكف تكونون أو تَصْنَعون؟ ويَجْري فيها الوجهان: النصب على التشبيه بالحالِ كما هو مذهبُ سيبويه، أو على التشبيه بالظرفية كما هو مذهب الأخفش، وهو العاملُ في «إذا» أيضاً. والثالث: حكاه ابن عطية عن مكي أنها معمولةٌ ل «جئنا» ، وهذا غلط فاحش.
قوله:{مِن كُلِّ} فيه وجهان، أحدهما: أنه متعلق ب «جئنا» . والثاني: أنه متعلقٌ بمحذوفٍ على أنه حالٌ من «شهيد» ، وذلك على رأي مَنْ يجوُّزُ تقديمَ حالِ المجرور بالحرف عليه، وقد تقدم تحريره. والمشهودُ عليه محذوفٌ أي: بشهيد على أمته/.
والمِثْقال: مِفْعَال من الثِّقَل وهو زِنَةُ كل شيء، والذَّرَّة: النملة الصغيرة، وقيل: رأسُها، وقيل: الخَرْدَلة، وقيل: جزء الهَباءَة، وعن ابن عباس: أنه أَدْخَلَ يده في التراب ثم نَفَخَها وقال: «كلُّ واحدةٍ منه ذرةٌ» والأولُ هو المشهور؛ لأن النملة يُضْرَبُ بها المثل في القلة، وأصغرُ ما تكون إذا مَرَّ عليها حَوْلٌ، قالوا لأنها حينئذ تَصْغُر جداً، قال حسان:
١٥٨٤ - لو يَدِبُّ الحَوْلِيُّ مِنْ وَلَدِ الذَّرْ ... رِ عليها لأنْدَبَتْها الكُلُومُ