وعَصَو الرسول» في موضع الحال، و «قد» مرادةٌ، وهي معترضةٌ بين «يود» وبين مفعولِها وهو «لو تُسَوَّى» ، و «لو» بمعنى «أَنْ»«المصدرية» . انتهى. وفي جَعْلِه الجملةَ الحاليةَ معترضةً بين المفعولِ وعاملِه نَظَرٌ لا يَخْفَى، لأنها مِنْ جملةِ متعلقات العامل الذي هو صلةٌ للموصولِ، وهذا نظير ما لو قلت:«ضَرَبَ الذين جاؤوا مُسْرِعين زيداً» فكما لا يقال إنَّ «مسرعين» معترض به فكذلك هذه الجملة.
وقرأ أبو عمرو وابن كثير وعاصم «تُسَوَّى» بضم التاء وتخفيف السين مبنياً للمفعول. وقرأ حمزة والكسائي: تَسَوَّى بفتحِها والتخفيفِ، ونافع وابن عامر بالتثقيل. فأما القراءة الأولى فمعناها: أنهم يَوَدُّون أن الله تعالى يُسَوِّي بهم الأرض: إمَّا على أن الأرض تنشق وتبتلعهم، وتكون الباء بمعنى «على» ، وإمَّا على أنهم يَوَدُّون أن لو صاروا تراباً كالبهائم، والأصل: يَوَّدون أن الله يُسَوِّيهم بالأرض، فَقُلِب إلى هذا كقولهم:«أدخلت القَلَنْسوة في رأسي» ، وإمَّا على أنهم يودُّون لو يُدْفَنون فيها، وهو كمعنى القولِ الأول، وقيل: لو تُعْدَلُ بهم الأرض أي: يُؤْخَذُ ما عليها منهم فديةً.
وأمَّا القراءة الثانية فأصلُها «تَتَسَوَّى» بتاءين، فحذفت إحداهما. وفي الثالثة حُذِفت أحداهما. ومعنى القراءتين ظاهرِ مِمَّا تقدَّم، فإن الأقوال الجارية في القراءةِ الأولى جاريةٌ في القراءتين الأُخْرَيَيْن، غايةُ ما في الباب أنه نَسَب الفعلَ إلى الأرض ظاهراً.
قوله:{وَلاَ يَكْتُمُونَ} فيه ستةُ أوجهٍ، وذلك أنَّ هذه الواوَ تحتمل أن تكونَ للعطفِ وأن تكون للحالِ: فِإنْ كانت للعطفِ احتمل أن يكون من عطف المفردات، وأن يكونَ من عطف الجمل، إذا تقرر هذا فيجوز أن [يكون]{وَلاَ يَكْتُمُونَ} عطفاً على مفعول «يود» أي: يَوَدُّون تسويةَ الأرض بهم وانتفاءَ