من فاعل «أذاعوا» أي: أظهروا أمرَ الأمن او الخوف إلا قليلاً. الثالث: أنه مستثنى من فاعل «عَلِمه» أي: لعلمه المستنبطون منهم إلا قليلاً. الرابع: أنه مستثنى من فاعل «لوجدوا» أي لوجدوا فيما هو من غير الله التناقضَ إلا قليلاً منهم، وهو مَنْ لم يُمْعِنِ النظرَ، فيظنَّ الباطلَ حقاً والمتناقضَ موافقاً. الخامس: أنه مستثنى من الضمير المجرور في «عليكم» وتأويلُه كتأويل الوجه الأول.
السادس: أنه مستنثى من فاعل «يستنبطونه» وتأويله كتأويل الوجه الثالث. السابع: أنه مستثنى من المصدر الدالِّ عليه الفعلُ، والتقدير: لاتَبَعْتُمْ الشيطانَ إلا اتباعاً قليلاً، ذكر ذلك الزمخشري. الثامن: أنه مستثنى من المتَّبع فيه، والتقدير: لاتبعتم الشيطان كلَّكم إلا قليلاً من الأمور كنتم لا تتبعون الشيطان فيها، فالمعنى: لاتبعتم الشيطان في كل شيء إلا في قليلٍ من الأمور، فإنكم كنتم لا تتبعونه فيها، وعلى هذا فهو استثناء مفرغ، ذكر ذلك ابن عطية، إلا أنَّ في كلامِه مناقشةً وهو أنه قال «أي: لاتبعتم الشيطان كلَّكم إلا قليلاً من الأمور كنتم لا تتبعونه فيها» فجعله هنا مستثنى من المتَّبعِ فيه المحذوف على ما تقدم تقريره، وكان قد تقدَّم أنه مستثنى من الإتِّباع، فتقديرُه يؤدي إلى استثنائِه من المتَّبع فيه، وادعاؤه أنه استثناء من الاتباع، وهما غَيْران. التاسع: أن المراد بالقلة العدمُ، يريد: لاتبعتم الشيطان كلكم وعدم تخلُّفِ أحدٍ منكم، نقله ابن عطية عن جماعة وعن الطبري، ورَدَّه بأن اقتران القلة بالاستثناء يقتضي دخولَها، قال:«وهذا كلامٌ قلق ولا يشبه ما حكى سيبويه من قولهم:» هذه أرضٌ قَلَّ ما تنبت كذا «أي لا تنبت شيئاً.