إلا الفاسقون} بالبناء للفاعل، قال بعضهم:«وهي قراءة القَدَرِيَّة» قلت: نقل ابنُ عطية عن أبي عمرو الداني أنها قراءةُ المعتزلة، ثم قال:«وابنُ أبي عَبْلة مِنْ ثِقات الشاميّين» يعني قارئها، وفي الجملة فهي مخالفةٌ لسواد المصحف. فإن قيل: كيف وَصَف المهتدين هنا بالكثرةِ وهم قليلون، لقوله تعالى:{وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ}[ص: ٢٤]{وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشكور}[سبأ: ١٣] ؟ فالجوابُ أنهم وإن كانوا قليلين في الصورة فهم كثيرون في الحقيقةِ كقولِهِ:
٣١٣ - إنَّ الكرامَ كثيرٌ في البلادِ وإنْ ... قَلُّوا كما غيرهُم قَلَّ وإنْ كَثُروا
فصار ذلك باعتبارَيْن.
قوله:{وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الفاسقين} . الفاسقين: مفعولٌ ل «يُضِلُّ» وهو استثناءٌ مفرغٌ، وقد تقدَّم معناه، ويجوزُ عند الفراء أن يكونَ منصوباً على الاستثناء، والمستثنى منه محذوفٌ تقديرُه: وما يُضِلُّ به أحداً إلا الفاسقين كقوله:
٣١٤ - نَجا سالمٌ والنَّفْسُ منه بشِدْقِه ... ولِمَ يَنْجُ إلا جَفْنَ سيفٍ ومِئْزَرا