وهو من قولك:«أعجبني زيدٌ وكرمه» انتهى. يعني أنه من بابِ التجريد، إذ المقصودُ الإِخبارُ بإعجاب كرمِ زيدٍ، وإنما ذُكِر زيدٌ ليُفيدَ هذا المعنى الخاص لذلك المقصود أنّ الذي يُفْتيهم هو المتلو في الكتاب، وذُكِرت الجلالةُ للمعنى المشار [إليه] ، وقد تقدَّم تحقيق التجريد في أول البقرة عند قوله {يُخَادِعُونَ الله}[الآية: ٩] .
والجر من وجهين، أحدهما: أن تكون الواو للقسم، وأقسمَ اللهُ بالمتلوِّ في شأن النساء تعظيماً له كأنه قيل: وأُقْسم بما يُتْلى عليكم في الكتاب، ذكره الزمخشري والثاني: أنه عطفٌ على الضمير المجرور ب «في» أي: يُفْتيكم فيهنَّ وفيما يتلى، وهذا منقولٌ عن محمد بن أبي موسى قال:«أفتاهم الله فيما سألوا عنه وفيما لم يَسْألوا» إلا أنَّ هذا ضعيف من حيث الصناعةُ، لأنه عطفٌ على الضميرِ المجرورِ من غير إعادة الجار وهو رأي الكوفيين، وقد قَدَّمْتُ ما في ذلك من مذاهب الناس ودلائلهم مستوفى عند قوله:
{وَكُفْرٌ بِهِ والمسجد الحرام}[البقرة: ٢١٧] فعليك بالالتفات إليه. قال الزمخشري:«ليس بسديدٍ أن يُعْطَف على المجرور في» فيهنَّ «لاختلاله من حيث اللفظ والمعنى» وهذا سبَقَه إليه أبو إسحاق قال: «وهذا بعيدٌ بالنسبةِ إلى اللفظِ وإلى المعنى: أمَّا اللفظُ فإنه يقتضي عطفَ المُظْهَر على المضمرِ، وأما المعنى فلأنه ليس المرادُ أنَّ اللهَ يفتيكم في شأنِ ما يُتْلى