وعَبَّر ابنُ عطية بعبارة الكوفيين فقال:«بفتحِ العين على الصرف» ويعنون بالصرف عدمَ تشريكِ الفعلِ مع ما قبلَه في الإِعراب. وقرأ أُبَي:«ومنعناكم» فعلاً ماضياً وهي ظاهرةٌ أيضاً لأنه حُمِلَ على المعنى، فإن معنى «ألم نستحوذ» : إنَّا قد استحوذنا، لأنَّ الاستفهامَ إذا دخل على نفي قَرَّره، ومثلُه:{أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ وَوَضَعْنَا}[الشرح: ١ -٢] لَمَّا كان «ألم نشرح» في معنى «قد شرحنا» عُطِفَ عليه «ووضَعْنا» .
ونستحوذ واستحوذ مِمَّا شَذَّ قياساً وفَصُحَ استعمالاً / لأنَّه مِنْ حقه نَقْلُ حركةِ حرفِ علتِه إلى الساكن قبلها، وقَلْبُها ألفاً كاستقام واستبان وبابه، وقد قدمت تحقيق هذا في قوله:{نَسْتَعِينُ}[الآية: ٥] في الفاتحة، وقد شَذَّت معه الفاظُ أُخَرُ نحو:«أَغْمَيتْ وأَغْيلتْ المرأة وأَخْيلت السماء» قصرها النحويون على السماع، وقاسَها أبو زيد. والاستحواذ: التغلُّب على الشيء والاستيلاءُ عليه. ومنه:{استحوذ عَلَيْهِمُ الشيطان}[المجادلة: ١٩] . ويقال:«حاذَ وأحاذ» بمعنى، والمصدُر الحَوْذ.