إعمالِ المصدر المعرف بأل. قيل: ولا دليلَ فيه لأنَّ الظرف والجار يعمل فيهما روائح الأفعال. وفاعلُ هذا المصدرِ محذوفٌ أي: الجهر أحد، وقد تقدم أن الفاعل يَطَّرد حَذْفُه في صورٍ منها المصدر، ويجوز أن يكون الجهرُ مأخوذاً من فِعْل مبني للمفعول على خلاف في ذلك، فيكون الجار بعده في محل رفع لقيامه مقام الفاعل، لأنك لو قلت: لا يحب الله أن يُجهر بالسوء، كان «بالسوء» قائماً مقامَ الفاعل ولا تعلُّقَ له حينئذٍ به. و «من القول» حال من «السوء» .
قوله:{إِلاَّ مَن ظُلِمَ} في هذا الاستثناء قولان، أحدهما: أنه متصل والثاني: أنه منقطع، وإذا قيل بأنه متصل فقيل: هو مستثنى من «أحد» المقدرِ الذي هو فاعلٌ للمصدر، فيجوز أن تكون «مَن» في محلِّ نصبٍ على أصل الاسثناء أو رفعٍ على البدل من «أحد» وهو المختار، ولو صُرِّح به لقيل: لا يحبُّ الله أن يَجْهَر أحدٌ بالسوء إلا المظلومُ، أو المظلومَ رفعاً ونصباً، ذكر ذلك مكي وأبو البقاء وغيرُهما. قال الشيخ:«وهذا مذهب الفراء، أجاز في» ما قام إلا زيدٌ «أن يكون» زيد «بدلاً من» أحد «وأمَّا على مذهب الجمهور فإنه يكون من المستثنى الذي فُرِّغ له العامل فيكون مرفوعاً على الفاعلية بالمصدر، وحَسَّنَ ذلك كونُ الجهر في حَيِّز النفي، كأنه قيل: لا يَجْهَرُ بالسوء من القول إلا المظلومُ» انتهى. والفرقُ ظاهر بين مذهب الفراء وبين هذه الآية، فإن النحويين إنما لم يَرَوا بمذهب الفراء قالوا: لأن المحذوف صار نَسْياً منسياً، وأما فاعل المصدر هنا فإنه كالمنطوقِ به ليس منسياً فلا يلزمُ من تجويزهم الاستثناء من هذا الفاعلِ المقدر أن يكونوا تابعين لمذهب الفراء لِما ظهر من الفرق. وقيل: هو مستثنى مفرغ، فتكون «