لغةِ مَنْ يقول:«ما جاءني زيد إلا عمروٌ» فلا نعلمُ هذه لغةً إلا في كتاب سيبويه بعد أَنْ أنشد أبياتاً في الاستثناء المنقطع آخرُها.
١٦٧ - ٢- عَشِيَّةَ ما تُغْني الرماحُ مكانَها ... ولا النبلُ إلا المشرفيُّ المُصَمَّمُ
ما نصُّه:«وهذا يقوِّي:» ما أتاني زيدٌ إلاَّ عمروٌ، وما أعانَه إخوانُكم إلا إخوانُه «لأنها معارفُ ليست الأسماء الآخرة بها ولا بعضَها» ولم يصرِّح ولا لَوَّح أن «ما أتاني زيدٌ إلا عمرو» من كلام العرب، قال مَنْ شَرَح كلام سيبويه:«فهذا يُقَوِّي» ما أتاني زيدٌ إلا عمرو «أي: ينبغي أن يَثْبُتَ هذا من كلام العرب لأن النبلَ معرفةٌ ليس بالمشرفي، كما أن زيداً ليس بعمرو، كما ان إخوة زيد ليسوا إخوتك. قال الشيخ:» وليس ما أتاني زيدٌ إلا عمرو «نظيرَ البيت؛ لأنّه قد يُتَخَيَّل عمومٌ في البيت إذ المعنى: لا يُغْني السلاح، وأمَّا» زيد «فلا يُتَوهم فيه عموم على أنه لو ورد من كلامهم:» ما أتاني زيدٌ إلا عمرو «لأمكن أن يَصِح على» ما أتاني زيد ولا غيره إلا عمروٌ «فحُذِف المعطوفُ لدلالة الاستثناء عليه، أمَّا أن يكونَ على إلغاء الفاعل أو على كون» عمرو «بدلاً من» زيد «فإنه لا يجوز، وأمَّا الآية فليست مِمَّا ذَكَر، لأنه يحتمل أن تكونَ» مَنْ «مفعولاً بها، و» الغَيبَ «بدلٌ منها بدلُ اشتمال، والتقديرُ: لايعلم غيبَ مَنْ في السماواتِ والأرضِ إلا اللَّهُ أي: سِرَّهم وعلانيتهم لاَ يَعْلَمها إلا الله، ولو سُلِّم أنَّ» مَنْ «مرفوعةٌ المحل فيتخيل فيها عمومٌ فيُبدل منها» الله «مجازاً كأنه قيل: لا يَعْلَمُ الموجودون الغيبَ إلا اللَّهُ، أو يكونُ على سبيلِ المجازِ في الظرفية بالنسبة إلى الله تعالى، إذ جاء ذلك عنه في القرآنِ والسنة