للتحريم في الوقت عن وقت التحريم، فلا يمكن أن يكون سبباً أو جزءَ سببٍ إلا بتأويل بعيد، [وذلك أن قولهم:«إنَّا قتلنا المسيحَ» وقولهم على مريم] البهتانَ إنما كان بعد تحريم الطيبات. قال:«فالأَوْلى أن يكونَ التقدير: لعنَّاهم. وقد جاء مصرَّحاً به في قولِه:{فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ} .
والثاني: أنه متعلقٌ بمحذوف، فقَّدره ابنُ عطية لعنَّاهم وأَذْلَلْناهم وختمنا على قلوبهم. قال:» وحَذْفُ جوابِ مثلِ هذا الكلام بليغٌ «وتسميةُ مثل هذا» جواب «غيرُ معروف لغةً وصناعة. وقَدَّره أبو البقاء:» فبما نقضهم ميثاقهم طُبع على قلوبهم، أو لُعِنوا. وقيل: تقديرُه: فبما نقضِهم لا يؤمنون، والفاء زائدةٌ «انتهى. [وهذا الذي أجازه أبو البقاء تعرض له الزمخشري وردَّه فقال:» فإنْ قالت: فهلاَّ زَعَمْتَ أنًَّ المحذوف الذي تعلَّقَتْ به الباء] ما دل عليه قولُه «بل طَبَع اللَّهُ، فيكون التقديرُ: فبما نقضِهم طَبَع اللَّهُ على قلوبهم، بل طَبَع الله عليها بكفرهم ردُّ وإنكارٌ لقولهم:» قلوبُنا «غُلْفٌ» فكانَ متعلقاً به «قال الشيخ:» وهو جوابٌ حسنٌ، ويمتنع من وجهٍ آخرَ وهو أنَّ العطفَ ب «بل» للإِضرابِ، والإِضرابُ إبطالٌ أو انتقالٌ، وفي كتابِ الله في الإِخبار لا يكون إلا للانتقال، ويُسْتفاد من الجملةِ الثانية ما لايُسْتفاد من الأولى، والذي قَدَّره الزمخشري لا يَسُوغ فيه الذي قررناه، لأنَّ قولَه:{فَبِمَا نَقْضِهِمْ مَّيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِم بَآيَاتِ الله وَقَتْلِهِمُ الأنبيآء بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ الله} هو مدلولُ الجملة