للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والاستنكافُ: استفعال من النَّكْف، والنَّكْفُ: أن يُقال له سوء، ومنه: «وما عليه في هذا الأمر نَكْفٌ ولا وَكْف» قال أبو العباس: «واستفعل هنا بمعنى دَفَع النَّكْفَ عنه» وقال غيره: «هو الأَنَفَةُ والترفع» ومنه: «نَكَفْتُ الدَّمعَ بإصبعي» إذا منعتُه من الجري على خَدِّك، قال:

١٦٨ - ١- فبانوا فلولا مَا تَذَكَّرُ منهمُ ... من الحِلْفِ لم يُنْكَفْ لعَيْنَيْك مَدْمَعُ

قوله {فَسَيَحْشُرُهُمْ} الفاءُ يجوز ان تكونَ جواباً للشرط في قوله: {وَمَن يَسْتَنْكِفْ} فإنْ قيل: جواب «إنْ» الشرطية واخواتِها غيرَ «إذا» لا بد أن يكونَ محتملاً للوقوع وعدمه، وحشرُهم إليه جميعاً لا بد منه، فكيف وقع جواباً لها؟ فقيل في جوابه وجهان، أحدهما: - وهو الأصح - أن هذا كلامٌ تضمَّن الوعدَ والوعيد، لأنَّ حَشْرَهم يقتضي جزاءَهم بالثوابِ أو العقاب، ويَدُلُّ عليه التفصيلُ الذي بعده في قوله: «فأمَّا الذين» إلى آخره، فيكونُ التقدير: وَمَنْ يستنكِفْ عن عبادته ويستكبرْ فيعذبُه عند حَشْرِه إليه، ومَنْ لم يستنكف ولم يستكبر فيثيبه.

والثاني: أنَّ الجوابَ محذوف أي: فيجازيه، ثم أخبر بقوله: {فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيهِ جَمِيعاً} وليس بالبيِّن. وهذا الموضوع محتمل أن يكون مِمَّا حُمِل على لفظةِ «مَنْ» تارة في قوله: يستنكف «ويستكبر» فلذلك أفرد الضمير، وعلى معناها أخرى في قوله: فسيحشرهم «ولذلك جَمَعه، ويَحْتمل أنه أعاد الضمير في فسيحشرهم» على «مَنْ» وغيرِها، فيندرجُ المستنكفُ في ذلك، ويكون الرابطُ لهذه الجملةِ باسم الشرط العموم المشار إليه. وقيل: بل حَذَفَ معطوفاً لفهم المعنى، والتقدير: فسيحشرهم أي: المستنكفين وغيرَهم، كقوله: {سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الحر} [النحل: ٨١] أي: والبرد.

<<  <  ج: ص:  >  >>