على ذلك، لو قلت:«أُنْزِلَ الغيث مجيباً لدعائهم» وتجعل «مجيباً» حالاً من الفاعل المنوبِ عنه، فإنَّ التقدير:«أَنْزل اللهُ الغيثَ حالَ إجابته لدعائهم» لم يَجُزْ فكذلك هذا، ولا سيما إذا قيل: بأن بنْية الفعلِ المبني للمفعولِ بنيةٌ مستقلة غيرُ محلولةٍ من بنية مبنية للفاعل كما هو قول الكوفيين وجماعة من البصريين. الثاني: أنه يلزم منه التقييدُ بهذه الحالِ إذا عَنَى بالأنعام الثمانية الأزواج، وتقييدُ إحلاله تعالى لهم هذه الثمانية الأزواج بحال انتفاء إحلالِه الصيدَ وهم حرمٌ، واللهُ تعالى قد أَحَلَّ لهم هذه مطلقاً. والثالث: أنه كُتب «مُحِلِّي» بصيغة الجمع فيكف يكون حالاً من الله؟ وكأن هذا القائل زعم أن اللفظَ «مُحِلّ» من غير ياء، وسياتي ما يشبه هذا القول.
الوجه الخامس: أنه منصوبٌ على الاستثناء المكرر، يعني أنه هو وقولَه «إلا ما يتلى» مستثنيان من شيء واحد، وهو «بيهمة الأنعام» نَقَل ذلك بعضُهم عن البصريين قال: «والتقديرُ: إلا ما يتلى عليكم إلا الصيدَ وأنتم محرمون، بخلاف قوله تعالى:{إِنَّآ أُرْسِلْنَآ إلى قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ}[الحجر: ٥٨] على ما يأتي بيانُه، قال هذا القائل:» ولو كان كذلك لوَجَبَ إباحةُ الصيد في الإِحرام لأنه مستثنى من الإِباحة. وهذا وجه ساقط، فإذن معناه: أُحِلَّتْ لكم بهيمةُ الأنعام غيرَ محلّي الصيد وأنتم حُرُمٌ إلا مايُتلى عليكم سوى الصيدِ «انتهى.
وقال الشيخ:» إنما عَرْضُ الإِشكالِ مِنْ جَعْلم «غير محلّي الصيد» حالاً من المأمورين بإيفاء العقود، أو مِن المحلِّل لهم وهو الله تعالى، أو من