الصيدُ الذي هو بالحَرَم، وعلى هذا التفسير يكون قوله:{إِلاَّ مَا يتلى عَلَيْكُمْ} إنْ كان المراد به ما جاء بعده من قوله: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ} الآية استثناءً منقطعاً، إذ لا تختص الميتة وما ذُكِر معها بالظباء وبقرِ الوحش وحمره فيصير:«لكن ما يتلى عليكم - أي: تحريمُه - فهو مُحَرَّم» ، وإن كان المرادُ ببهيمة الأنعامِ الأنعامَ والوحوشَ فيكون الاستثناءان راجِعَيْن إلى المجموع على التفصيل فيرجع «ما يتلى عليكم» إلى ثمانية الأزواج، ويرجع «غيرَ مُحِلّي الصيد» إلى الوحوش، إذ لا يمكن أن يكون الثاني استثناء من الاستثناء الأول، وإذا لم يمكن ذلك وأمكن رجوعه إلى الأول بوجهٍ ما رجع إلى الأول، وقد نص النحويون أنه إذا لم يمكن استثناءُ بعضِ المستثنيات من بعض جُعِل الكلُّ مستثنًى من الأول نحو:«قام القومُ إلا زيداً إلا عمرواً إلا بكراً» فإن قلت: ما ذكرته من هذا التخريج وهو كونُ المُحِلِّ من صفة الصيد لا من صفة الناس ولا من صفة الفاعل المحذوف يأباه رسمه في في المصحف «مُحِلّي» بالياء، ولو كان من صفته الصيد دون الناس لكتب «مُحِلّ» من غير ياء، وكونُ القراء وقفوا عليه بالياء أيضاً يأبى ذلك. قلت: لا يعكر ذلك على التخريج، لأنهم قد رسموا في المصحف الكريم أشياءَ تخالف النظق بها ككتابتهم {لأَذْبَحَنَّهُ}[النمل: ٢١]{ولأَوْضَعُواْ}[التوبة: ٤٧] ألفاً بعد لام الألف، وكتابتم «بأَيْيد» بياءين بعد الهمزة، وكتابتهم «أولئك» بزيادة واو، ونقصِ ألفٍ بعد اللام، وكتابتهم «الصالحات» ونحوه بسقوط الألفين إلى غير ذلك. وأمَّا وقفُهم عليه بالياء فلا يجوزُ، إذ لا يوقف على المضافِ دون المضاف إليه، وإنْ وقف واقف فإنَّما يكون لِقَطْع نَفَسٍ أو اختبار، وعلى أنه يمكن توجيهُ كتابته بالياء