ثلاثةُ أمثال، فحذَفْنا أحدَها، وهل هو نونُ الوقايةِ أو النونُ الوسطى؟ قولان الصحيحُ الثاني، وهذا شبيهٌ بما تقدَّم في {إِنَّا مَعَكُمْ}[البقرة: ١٤] وبابه.
والجملة في محلِّ نصبٍ بالقولِ، و «أعلمُ» يجوزُ فيه أن يكونَ فعلاً مضارعاً وهو الظاهرُ، و «ما» مفعولٌ به، وهي: إمَّا نكرةٌ موصوفةٌ أو موصولةٌ، وعلى كلِّ تقديرٍ فالعائدُ محذوفٌ لاستكمالِه الشروطَ أي: تعلمونَه، وقال المهدوي، ومكي وتبعهما أبو البقاء:«إنَّ» أعلمُ «اسمٌ بمعنى عالم» كقوله:
٣٤٤ - لَعَمْرُكَ ما أدري واني لأوْجَلُ ... على أيِّنا تَعْدُو المنيَّةُ أَوَّلُ
ف «ما» يجوزُ فيها أن تكونَ في محلِّ جرٍّ بالإِضافةِ أو نصبٍ ب «أَعْلَمُ» ولم يُنوَّنْ «أعلمُ» لعدمِ انصرافِه، نحو:«هؤلاء حَوَاجُّ بيتَ الله» وهذا مبنيٌّ على أصلَيْن ضعيفينِ، أحدُهما: جَعْلُ أَفْعَل بمعنى فاعِل من غير تفضيلٍ، والثاني أنَّ أفْعل إذا كانت بمعنى اسمِ الفاعل عَمِلَتْ عملَه، والجمهورُ لا يثبتونها.
وقيل:«أعلمُ» على بابها من كونِها للتفضيلِ، والمفضَّلُ عليه محذوفٌ، أي: أعلمُ منكم، و «ما» منصوبةٌ بفعلٍ محذوفٍ دَلَّ عليه أفعل، أي: علمتُ ما لا تعلمون، ولا جائزٌ أن يُنْصَبَ بأفعل التفضيلِ