تقول: كَتَبْتُ: الحمدُ لله، وقرأت: سورةٌ أَنْزلناها، ولذلك قال الزجاج:» لو قُرئ إنَّ النفسَ بالنفسِ بالكسر لكانَ صحيحاً «قال الشيخ:» هذا هو [الوجهُ] الثاني من توجيه أبو عليّ، إلا أنه خَرَج عن المصطلح حيث جَعَله من العطفِ على المحلِّ وليس منه، لأنَّ العطف على المحل هو العطفُ على الموضعِ، وهو محصورٌ ليس هذا منه، ألا ترى أنَّا لا نقول:«أنَّ النفسَ بالنفس» في محلِّ رفعٍ لأنَ طالبَه مفقودٌ، بل «أن» وما في حَيِّزها بتأويلِ مصدرٍ لفظُه وموضعُه نصبٌ، إذ التقديرُ: كَتَبْنا عليهم أَخْذَ النفسِ «قلت: والزمخشري لم يَعْنِ أنَّ» انَّ «وما في حَيِّزها في محل رفع فعطف عليها المرفوعَ حتى يُلْزِمَه الشيخُ بأنَّ لفظها ومحلَّها نصبٌ، إنما عَنَى أنَّ اسمَها محلُّه الرفعُ قبلَ دخولِها، فراعى العطفَ عليه كما راعاه في اسم» إنَّ «المكسورة. وهذا الردُّ ليس للشيخِ، بل سَبَقَه إليه أبو البقاء فأخذه منه. قال أبو البقاء:» ولا يجوز أن يكونَ معطوفاً على «أَنَّ» وما عملت فيه؛ لأنها وما عملت فيه في موضع نصب «انتهى. وليس بشيءٍ لما تقدم.
قال الشيخ شهاب الدين أو شامة:» فمعنى الحديثِ: قُلْنا لهم: النفسُ بالنفسُ، فَحَمَل «العين بالعين» على هذا، لأنَّ «أنَّ» لو حُذِفت لاستقام المعنى بحذفِها كما اسقام بثبوتِها، وتكون «النفس» مرفوعةً فصارت «أنَّ» هنا ك «إنَّ» المكسورة في أنَّ حَذْفَها لا يُخِلُّ بالجملةِ، فجاز العطفُ على محل اسمِها كما يجوزُ على محلِّ اسم المكسورة، وقد حُمِل على ذلك:{أَنَّ الله برياء مِّنَ المشركين وَرَسُولُهُ}[التوبة: ٣] قال الشيخ أبو عمرو - يعني أن الحاجب - ورسولُه بالرفع معطوف على اسم «انَّ» وإنْ كانت مفتوحة لأنها في حكم المكسورة،