كما طال] الكلامُ في قولهم:» حضر القاضيَ اليومَ امرأةٌ «قال الفارسي:» هذا يستقيمُ إذا كان قبل حرف العطف، أما إذا وقع بعده فلا يَسُدُّ مسدَّ الضمير، ألا ترى أنك لو قلت:«حضر امرأة القاضي اليوم» لم يُغْنِ طولُ الكلامِ في غير الموضعِ الذي ينبغي أن يقع فيه «. قال ابنُ عطية:» وكلامُ سيبويهِ متجهٌ على النظرِ النحوي وإن كان الطول قبل حرفِ العطف أَتَمَّ، فإنه بعد حرفِ العطفِ مؤثِّرٌ لا سيما في هذه الآيةِ لأن «لا» رَبَطتِ المعنى، إذ قد تَقدَّمها نفيٌ ونَفَتْ هي أيضاً عن الآباءِ فيمكن العطفُ «.
واختار أبو عبيد قراءةَ رفعِ الجميع، وهي روايةٌ الكسائي، لأن أَنَساً رواها قراءةً للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ورَوَى أنس عنه السلام أيضاً» أنْ النفسُ بالنفس «تبخفيف» أَنْ «ورفعِ النفس وفيها تأويلان، أحدهما: أَنْ تكونَ» أَنْ «مخففةً من الثقيلة واسمُها ضميرُ الأمر والشأن محذوفٌ، و» النفسُ بالنفس «مبتدأ وخبر، في محلِّ رفع خبراً ال» أَنْ «المخففة، كقوله:{أَنِ الحمد للَّهِ رَبِّ العالمين}[يونس: ١٠] ، فيكون المعنى كمعنى المشددة. والثاني: أنها» أَنْ «المفسرةُ لأنها بعدما هو بمعنى القولِ لا حروفِه وهو» كَتَبْنا «والتقديرُ: أي النفسُ بالنفس، ورُجِّح هذا على الأول بأنه يلزَمُ من الأولِ وقوعُ المخففةِ بعد غيرِ العلمِ وهو قليل أو ممنوعٌ، وقد يُقال: إن» كتبنا «لَمَّا كان بمعنى» قضينا «قَرُبَ من أفعال اليقين.
وأمَّا قراءةُ نافع ومَنْ معه فالنصبُ على اسم «أَنَّ» لفظاً وهي النفس والجارُّ بعدَه خبرُه، و «قصاصٌ» خبر «الجروح» أي: وأنَّ الجروحَ قصاص، وهذا من عطفِ الجملِ، عَطَفنا الاسمَ على الاسم والخبرَ على الخبر،