للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

النفس «حيث جَوَّزْنا فيها الوجهين، وذلك / لأنه لو قَدَّرْتها التفسيريةَ وجَعَلْتَها معطوفةً على ما قبلَها فَسَدَ من حيث إنَّ» كتبنا «يقتضي أَنْ يكونَ عاملاً لأجل» أنَّ «المشددة غيرُ عامل لأجل» أَنْ «التفسيرية، فإذا انتفى تسلُّطُه عليها انتفى تشريكُها مع ما قبلها، لأنه إذا لم يكن عملٌ فلا تشريكٌ، فإذا جعلتها المخففةَ تسلَّط عملُه فاقتضى العملُ التشريكَ في انصبابِ معنى الكَتْب عليهما. وقرأ أبيّ:» فهو كفارتُه له «أي: التصدُّق كفارةٌ، يعني الكفارة التي يستحفها له لا ينقصُ منها، وهو تعظيمٌ لِما فَعَلَ كقوله: {فَأَجْرُهُ عَلَى الله} [الشورى: ٤٠] .

قوله: {فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ} أي: بالقصاصِ المتعلِّق بالنفس أو بالعين أو بما بعدَها، فهو أي: فذلك التصدقُ عاد الضمير على المصدر لدلالة فعلِه عليه، وهو كقوله تعالى: {اعدلوا هُوَ أَقْرَبُ} [المائدة: ٨] . والضميرُ في» له «فيه ثلاثةُ أوجهٍ، أحدُها - وهو الظاهر -: أنه يعود على المتصدِّق والمرادُ به مَنْ يستحِقُّ القِصاصَ مِنْ مصابٍ أو وليّ، أي: فالتصدقُ كفارةٌ لذلك المتصدِّق بحقه، وإلى هذا ذهب جماعة كثيرة من الصحابة فمَنْ بعدَهم. والثاني: أنَّ الضميرَ يُراد به الجاني، والمراد بالمتصدِّق كما تقدم مستحقُ القصاص، والمعنى: انه إذا تصدَّق المستِحقُّ على الجاني كان ذلك التصدُّقُ كفارةً للجاني حيث لم يُؤَاخَذْ به. قال الزمخشري:» وقيل: فهو كفارةٌ له أي: للجاني إذا تجاوز عنه صاحبُ الحق سَقَط عنه ما لَزِمه «وإلى هذا ذهب ابن عباس في آخرين. والثالث: أن الضميرَ يعودُ على المتصدِّق أيضاً، لكن المرادَ به الجاني نفسه، ومعنى كونِه متصدِّقاً أنه إذا جنى جنايةً ولم يَعْرِفْ به أحدٌ فَعَرَّف هو بنفسه كان ذلك الاعترافُ بمنزلةِ التصدُّق الماحي لذنبِه وجنايِته، قاله

<<  <  ج: ص:  >  >>