أي: لم أصنعه» قال ابن عطية: «هكذا الراويةُ وبها ويتم المعنى الصحيح، لأنه أرادَ التبرُّؤ من جميع الذنوب، ولو نَصَب» كل «لكان ظاهرُ قوله أنه صنع بعضَه» قالت: هذا الذي ذكره أبو محمد معنى صحيح نصَّ عليه أهل علم المعاني والبيان، واستشهدوا على ذلك بقوله عليه السلام حين سأله ذو اليدين فقال:«أَقَصَرْتَ الصلاة أم نسيت؟ فقال:» كلُّ ذلك لم يكن «أرادَ عليه السلام انتفاءَ كلِّ فردٍ فردٍ، وأفاد هذا المعنى تقديمُ» كل «قالوا: ولو قال:» لم يكن كلُ ذلك «لاحتمل الكلام أن البعض غيرُ منفيّ، وهذه المسألة تُسَمَّى عمومَ السلب، وعكسُها نحو:» لم أصنعْ كلَّ ذلك «يُسَمَّى سلبَ العموم، وهذه مسألةٌ مفيدة فأتقنتُها، وإن كان بعضُ الناسِ قد فهم عن سيبويه غيرَ ما ذكرت لك.
ثم قال ابن عطية:» وهو قبيحٌ - يعني حَذْفَ العائد من الخبر - وإنما يُحْذَفُ الضمير كثيراً من الصلة، ويُحْذَفُ أقلَّ من ذلك من الصفة، وحَذْفُه من الخبرِ قبيحٌ «ولكن رجَّح البيتَ على هذه القراءةِ بوجهين، أحدُهما: أنه ليس في صدرِ قوله ألفُ استفهام تطلب الفعل كما هي في» أفحكم «، والثاني: أن في البيت عوضاً من الهاء المحذوفة / وهو حرفُ الاطلاق، أعني الياء في» اصنعي «فتضعفُ قراءة مَنْ قرأ» أفحكمُ الجاهلية يبغون «وهذا الذي ذكره ابن عطية في الوجه الثاني كلامٌ لا يعبأ به، وأمَّا الأول فهو قريبٌ من الصواب، لكنه لم ينهضْ في المنعِ ولا في التقبيح، وإنما ينهضُ دليلاً عن الأحسنيَّة أوعلى أن غيرَه أَوْلى منه، وهذه المسألَةُ ذكر بعضُهم الخلافَ فيها بالنسبة إلى