وجهَ الإِظهارِ سكونُ الثاني جزماً أو وقفاً، ولا يُدْغَمُ إلا في متحرك، وأنَّ وجهَ الإِدغام تحريكُ هذا الساكن في بعضِ الأحوال نحو: رُدَّا، رُدُّوا، رُدِّي، ولم يَرُدَّا، ولم يَرُدُّوا، واردُدِ القوم، ثم حُمِل «لم يردَّ» و «رُدَّ» على ذلك، فكأن التميميين اعتبروا هذه الحركة العارضة، والحجازيين لم يَعْتبروها، و «منكم» في محل نصبٍ على الحال من فاعل «يرتد» و «عن دينه» متعلِّقٌ ب «يرتدَّ» .
قوله تعالى:{يُحِبُّهُمْ} في محلِّ جر لأنها صفة ل «قوم» و «يُحِبُّونه» فيه وجهان، أظهرُهما: أنه معطوفٌ على ما قبلَه، فيكون في محلِّ جرٍّ أيضاً فوصفَهم بصفتين: وصفَهم بكونِه تعالى يحبُّهم وبكونهم يحبونه. والثاني أجازه أبو البقاء: أن يكون في محل نصب على الحال من الضمير المنصوب في «يحبهم» قال: «تقديره: وهم يحبونه» قلت: وإنما قَدَّر أبو البقاء لفظة «هم» ليخرجَ بذلك من إشكال: وهو أن المضارعَ المثبتَ متى وقع حالاً وجب تَجَرُّدُه من الواو نحو: «قمت أضحك» ولا يجوز: «وأضحك» وإنْ وَرَدَ شيء أُوِّل بما ذكره أبو البقاء كقولهم: «قمت وأصك عينه» وقوله:
أي: وأنا أصك، وأنا أَرْهنُهم، فَتُؤَوَّلُ الجملةُ إلى جملة اسمية فيصِحُّ اقترانها بالواو، ولكن لا ضرورةَ في الآية الكريمة تَدْعُو إلى ذلك حتى يُرْتَكَب، فهو / قولٌ مرجوح. وقُدِّمَتْ محبةُ الله تعالى على محبتهم لشرفها وسَبْقِها، إذ محبتُه تعالى لهم عبارةٌ عن إلهامِهم فعلَ الطاعةِ وإثابتِه إياهم عليها.
قوله:{أَذِلَّةٍ عَلَى المؤمنين أَعِزَّةٍ عَلَى الكافرين} هاتان صفتان أيضاً لقوم، واستدلَّ بعضُهم على جوازِ تقديمِ الصفة غير الصريحة على الصفة