وبهذا يحصُل الفرقُ بين هذا الوجهِ وبين الوجهِ الذي جَوَّزْتُ فيه أن تكون الواو عاطفةً مع اعتقادِنا أنَّ «يجاهدون» مستأنفٌ وهو واضح.
واللَّوْمَةُ:«المَرَّةُ من اللَّوْم، قال الزمخشري» وفيها وفي التنكير مبالغتان كأنه قيل: لا يَخافون شيئاً قَطُّ من لومِ أحدٍ من اللُّوُّام، و «لومة» مصدرٌ مضافٌ لفاعله في المعنى، فإن قيل: هل يجوزُ أن يكونَ مفعولُه محذوفاً، أي: لا يخافون لومةَ لائمٍ إياهم؟ فالجواب أن ذلك لا يجوز عند الجمهور، لأنَّ المصدرَ المحدودَ بتاء التأنيث لا يعملُ، فلو كان مبنياً على التاء عَمِلَ كقوله:
١٧٤ - ٧- فولا رجاءُ النصر منك ورهبةٌ ... عقابَك قد كانوا لنا بالموارِدِ
فأعمل «رهبةٌ» لأنه مبنيُّ على التاء، ولا يجوز أن يعملَ المحدودُ بالتاء إلا في قليلٍ من كلامِهم كقوله:
١٧٤ - ٨- يُحايي به الجَلْدُ الذي هو حازمٌ ... بضربةِ كَفَّيهِ المَلا وَهُو راكِبُ
يصفُ رجلاً سقى رجلاً ماءً فأحياه به وتيمَّم بالتراب، والمَلا: التراب، فنصب «الملا» ب «ضربة» وهو مصدرٌ محدودٌ بالتاء. وأصل لائم: لاوِم، لأنه من اللَّوْم فأُعِلَّ كقائم.
و «ذلك» في المشار إليه به ثلاثةُ أوجه، أظهرُها: أنه جميع ما تقدَّم من الأوصافِ التي وُصِف بها القومُ من المحبةِ والذلةِ والعزةِ والمجاهدة في سبيلِ