لمعنى سأذكره. وقال أبو البقاء:«ومِنَّا مفعولُ تَنْقِمون الثاني، وما بعد» إلا «هو المفعولُ الأول، ولا يجوزُ أن يكونَ» منَّا «حالاً مِنْ» أَنْ «والفعل لأمرين، أحدُهما: تقدُّم الحالِ على» إلاّ «، والثاني: تقدُّم الصلة على الموصول، والتقدير: هل تكرهون منا إلا إيمانَنا» انتهى. وفي قوله مفعولٌ أولُ وثانٍ نظرٌ، لأنَّ الأفعالَ التي تتعدَّى لاثنين إلى أحدهما بنفسها وإلى الآخر بحرف الجر محصورةٌ كأمر، واختار، واستغفر، وصَدَّق، وسَمَّى، ودعا بمعناه، وزَوَّج، ونبَّأ وأنبأ، وخَبَّر، وأَخْبر، وحَدَّث غيرَ مضمَّنةٍ معنى أعلم، وكلُّها يجوز فيها إسقاطُ الخافضِ والنصبُ، وليس هذا منها. وقوله:«ولا يجوز أن يكونَ حالاً» يعني أنه لو تأخَّر بعد «أن آمنَّا» لفظةُ «منا» لجازَ أن تكونَ حالاً من المصدر المؤولِ من «أَنْ» وصلتِها، ويصير التقديرُ: هل تَكْرهون إلا الإِيمان في حال كونِه منا، لكنه امتنع مع تقدُّمِه على «أن آمنَّا» للوجهين المذكورين، أحدُهما: تقدُّمه على «إلاَّ» ويعني بذلك أن الحال لا تتقدم على «إلاَّ» ولا أدري ما يمنع ذلك؟ لأنه إذا جَعَل «منَّا» حالاً من «أَنْ» وما في حَيِّزها كان عاملُ الحال مقدراً، ويكونُ صاحبُ الحال محصوراً، وإذا كان صاحبُ الحال محصوراً وجبَ تقديمُ الحالِ عليه، فيقال:«ما جاء راكباً زيد» و «ما ضَرَبْتُ مكتوفاً إلا عمراً» ف «راكباً» و «مكتوفاً» حالان مقدمان وجوباً لحصرِ صاحبَيْهما فهذا مثلُه. وقوله:«والثاني: تقدُّم الصلة على الموصول» لم تتقدَّمْ صلةٌ على موصول، بيانه: أن الموصول هو «أن» والصلة «آمنا» و «منَّا» ليس متعلقاً بالصلة بل هو معمول لمقدر، ذلك المقدَّرُ في الحقيقة منصوبٌ ب «تَنْقِمون» فما أدري ما توهَّمه حتى قال ما قال؟ على أنه لا يجوزُ أن يكونَ حالاً لكن لا لِما ذَكر بل لأنه / يؤدِّي إلى أنه يصير التقديرُ: هل تَنْقِمون إلا إيمانَنا منا، فَمِنْ نفسِ قوله «إيماننا» فُهِم أنه منَّا، فلا فائدةَ فيه حينئذ.