للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقُرئ شاذاً «تُرى» بالبناء للمفعول، «أعينُهم» / رفعاً، وأسند الفيضَ إلى الأعينِ مبالغةً، وإن كان القائضُ إنما هو دمعُها لا هي، كقول امرئ القيس:

١٨٠ - ٢- ففاضَتْ دموعُ العينِ مني صَبابةً ... على النَّحْرِ حتى بَلَّ دَمْعِيَ مَحْمِلي

والمرادُ المبالغةُ في وصفِهم بالبكاءِ، أو يكونُ المعنى أنَّ أعينَهم تمتلئ حتى تفيضَ، لأنَّ الفيضَ ناشىءٌ عن الامتلاءِ كقوله:

١٨٠ - ٣- قوارِصُ تأتيني وتَحْتَقِرُونها ... وقد يَمْلأَ الماءُ الإِناءَ فَيَفْعُمُ

وإلى هذين المعنيين نحا أبو القاسم، فإنه قال: «فإنْ قلت:» ما معنى «تَفيض من الدمع» ؟ قلت: معناه تَمْتَلِئ من الدمع حتى تفيض، لأنَّ الفيض أَنْ يمتلئَ الإِناءُ حتى يَطْلُعَ ما فيه من جوانبه، فوضع الفيضَ الذي هو من الامتلاءِ موضعَ الامتلاء، وهو من إقامةِ المسبب مُقام السببِ، أو قَصَدْتَ المبالغةَ في وصفِهم بالبكاء، فجَعَلْتَ أعينهم كأنها تفيض بأنفسها، أي: تسيل من الدمع من أجلِ البكاء من قولك: «دَمَعَتْ عينُه دمعاً» .

و «من الدمع» فيه أربعةُ أوجه، أحدُها: أنه متعلِّقٌ ب «تَفيض» ، ويكون معنى «مِنْ» ابتداءَ الغاية، والمعنى: تَفِيضُ من كثرة الدمع. والثاني: أنه متعلقٌ بمحذوفٍ على أنه حالٌ من الفاعلِ في «تفيضُ» قالهما أبو البقاء،

<<  <  ج: ص:  >  >>