أبو البقاء مجروراً ب «مِنْ» فقال: «الذي تطعمون منه» وفيه نظرٌ لأنَّ من شرط العائد المجرور في الحذف أَنْ يتَّحِدَ الحرفان والمتعلَّقان، والحرفان هنا وإن اتفقا وهما «مِنْ» و «مِنْ» إلا أنَّ العامل اختلف، فإنَّ «مِنْ» الثانية متعلقةٌ ب «تُطْعِمُون» والأولى متعلقةٌ بمحذوفٍ وهو الكون المطلق لأنها وقعت صفة للمفعول المحذوف، وقد يُقال: إنَّ الفعل لَمَّا كان مُنْصَبّاً على قوله: {مِنْ أَوْسَطِ} فكأنه عاملٌ فيه، وإنما قدِّرْنا مفعولاً لضرورة الصناعة، فإن قلت: الموصولُ لم ينجرَّ «مِنْ» إنما انجرَّ بالإِضافةِ فالجواب أنَّ المضافَ إلى الموصول كالموصولِ في ذلك نحو: «مُرَّ بغلام الذي مررت» .
و «أهليكم» مفعولٌ أول ل «تُطْعِمُون» والثاني محذوف كما تقدم أي: تُطْعمونه أهليكم. «وأهليكم» جمعُ سلامةٍ ونقصه من الشروط كونُه ليس علماً ولا صفةً، والذي حَسَّن ذلك أنه كثيراً ما يُستعمل استعمال «مستحق لكذا» في قولِهم: «هو أهلُ لكذا» أي: مستحق له فأشبه الصفاتِ فجُمع جمعَها. وقال تعالى:{شَغَلَتْنَآ أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا}[الفتح: ١١]{قوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً}[التحريم: ٦] ، وفي الحديث:«إنَّ لله أهلين» قيل: يا رسول الله: مَنْ هم؟ قال: قُرَّاء القرآن هم أهل الله وخاصَّتُه «فقوله:» أهلُوا الله «جمعٌ حُذِفَتْ نونُه للإِضافة، ويُحتمل أن يكونَ مفرداً فيكتب:» أهلُ الله «فهو في اللفظِ واحدٌ.
وقرأ جعفر الصادق:» أهالِيكم «بسكونِ الياءِ، وفيه تخريجان / أحدُهما: أنَّ» أهالي «جمعُ تكسيرٍ ل» أَهْلَة «فهو شاذٌّ في القياس