المعنى: فعليه جزاءٌ مثلُ المقتولِ من الصيد، وإنما يلزمه جزاء المقتول بعينِه لا جزاءٌ مثلُه، لأنه إذا وَدَى جزاءً مثلَ المقتول صار إنما وَدَى جزاءَ ما لم يُقْتَل؛ لأنَّ مثلَ المقتول لم يَقْتُلْه، فصَحَّ أن المعنى: فعليه جزاءٌ مماثِلٌ للمقتول، ولذلك بَعُدَتِ القراءةُ بالإِضافة عند جماعة.
قلت:«مثل» بمعنى مُماثِل أبداً فكيف يقول «ولو قَدَّرْتَ مِثْلاً على لفظه» ؟ وأيضاً فقوله:«لصار المعنى إلى آخره» هذا الإِشكالُ الذي ذكره لا يُتَصَوَّرُ مجيئُه في هذه القراءةِ أصلاً، وإنما ذَكَره الناسُ في قراءةِ الإِضافة كما سيأتي، وكأنه نَقَل هذا الإِشكالَ من قراءةِ الإِضافة إلى قراءةِ التنوين.
وأمَّا قراءةُ باقي السبعة فاستبعَدها جماعةٌ، قال الواحدي:«ولا ينبغي إضافةُ الجزاءِ إلى المِثْلِ لأنَّ عليه جزاءَ المنقولِ لا جزاءَ مثله فإنه لا جزاءَ عليه لَمَّا لم يقتلْه» وقال مكي بعد ما قَدَّمْتُه عنه: «ولذلك بَعُدَت القراءةُ بالإِضافة عند جماعةٍ لأنها تُوجِبُ جزاءً مثلَ الصيدِ المقتول» قلت: ولا التفاتَ إلى هذا الاستبعادِ فإنَّ أكثرَ القراء عليها. وقد أجاب الناسُ عن ذلك بأجوبةٍ سديدةٍ، لَمَّا خفيت على أولئك طَعَنوا في المتواتر، منها: أنَّ «جزاء» مصدرٌ مضافٌ لمفعوله تخفيفاً، والأصل: فعليه جزاءٌ مثلُ ما قتل، أي: أن يَجزي مثلَ ما قتل، ثم أُضيف، كما تقول:«عجبت من ضربٍ زيداً» ثم «من ضرب زيدٍ» ذَكَر الزمخشري وغيره، وبَسْطُ ذلك أنَّ الجزاءَ هنا بمعنى القضاء والأصل: فعليه أن يُجْزَى المقتولُ من الصيد مثلَه من النعم، ثم حُذِف المفعولُ الأول لدلالة الكلامِ عليه وأُضيف المصدرُ إلى ثانيهما، كقولك:«زيدٌ فقيرٌ ويعجبني إعطاؤك الدرهمَ» أي: إعطاؤك إياه. ومنها: أنَّ «مثل» مقحمةٌ كقولهم: «مِثْلُك لا يفعل ذلك» أي: أنت لا تفعل ذلك، ونحو