لتفريطِكم فيها» ومن هنا قلت لك: إنَّ الضمير في «عنها» عائدٌ على الأشياءِ الأوَلِ لا على نوعِها. والثاني: أنَّ الظرفَ منصوبٌ ب «تُبْدَ لكم» أي: تَظْهَرْ لكم لتك الأشياءُ حين نزولِ القرآن. قال بعضهم:«في الكلام تقديمُ وتأخيرٌ، لأنَّ التقديرَ: عن أشياْاء إنْ تُسْأَلوا عنها تُبْدَ لكم حين نزولِ القرآن، وإن تُبْدَ لكم تَسُؤْكم» ولا شك أن المعنى على هذا الترتيب، إلا أنه لا يُقال في ذلك تقديمُ وتأخيرٌ، فإنَّ الواو لا تقتضي ترتيباً فلا فرقَ، ولكن إنما قُدِّم هذا أولاً على قوله:{وَإِن تَسْأَلُواْ} لفائدةٍ وهي الزجرُ عن السؤالِ فإنه قدَّم لهم أنّ سؤالهم عن أشياءَ متى ظهرت أساءَتْهم قبل أن يُخْبرَهم بأنهم إنْ سألوا عنها بَدَتْ لهم لينزجروا، وهو معنىً لائقٌ.
قوله:{عَفَا الله عَنْهَا} فيه وجهان، أحدُهما: أنه في محلِّ جر لأنه صفةٌ أخرى ل «أشياء» والضميرُ على هذا في «عنها» يعود على «أشياء» ولا حاجةَ إلى ادِّعاء التقديمِ والتأخير في هذا كما قال بعضهم، قال:«تقديرُه: لا تَسْأَلوا عن اشياءَ عفا الله عنها إنْ تُبْدَ لكم إلى آخر الآية/، لأنَّ كلاً من الجملتين الشرطيتين وهذه الجملة صفةٌ ل» أشياء «فمن أين أنَّ هذه الجملة مستحقةٌ للتقديم على ما قبلَها؟ وكأنَّ هذا القائل إنَّما قَدَّرها متقدمةً ليتضحَ أنها صفةٌ لا مستأنفةٌ. والثاني: أنها لا محل لها لاسئنافِها، والضميرُ في» عنها «على هذا يعودُ على المسألةِ المدلولِ عليها ب» لا تَسْألوا «ويجوزُ أَنْ تعودَ على» أشياء «وإنْ كان في الوجه الأولِ يتعيَّن هذا لضرورة الربطِ بين الصفةِ والموصوفِ.