و «الجَنَّةَ» مفعولٌ به لا ظرفٌ، نحو: سَكَنْتُ الدارَ. وقيل: هي ظرفٌ على الاتساعِ، وكان الأصلُ تعديتَه إليها ب «في» ، لكونها ظرفَ مكان مختصٍّ، وما بعد القولِ منصوبٌ به.
قوله:{وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً} هذه الجملةُ عَطْفٌ على «اسكُنْ» فهي في محلِّ نَصْبٍ بالقولِ، وأصلُ كُلْ: أُأْكُلْ بهمزتين: الأولى همزةُ وصلٍ، والثانيةُ فاءُ الكلمة فلو جاءَتْ هذه الكلمةُ على هذا الأصلِ لقيل: اُوكُلْ بإبدالِ الثانيةِ حرفاً مجانساً لحركةِ ما قبلَها، إلا أنَّ العربَ حَذَفَتْ فاءَه في الأمرِ تخفيفاً فاستَغْنَتْ حينئذٍ عن همزةِ الوصلِ فوزنُه عُلْ، ومثلُه: خُذْ ومُرْ، ولا يُقاسُ على هذه الأفعالِ غيرُها لا تقول من أَجَر: جُرْ. ولا تَرُدُّ العربُ هذه الفاءَ في العطف بل تقول: قم وخذ وكُلْ، إلا «مُرْ» فإنَّ الكثيرَ رَدُّ فائِه بعد الواوِ والفاءِ قال تعالى: {وَأْمُرْ قَوْمَكَ}[الأعراف: ١٤٥] و {وَأْمُرْ أَهْلَكَ}[طه: ١٣٢] ، وعدمُ الردِّ قليلٌ، وقد حَكَى سيبويه:«اؤْكُلْ» على الأصلِ وهو شاذٌّ.
وقال ابن عطية:«حُذِفَتِ النونُ من» كُلا « [للأمر] » وهذه العبارةُ مُوهِمةٌ لمذهبِ الكوفيين من أنَّ الأمرَ عندهم مُعْربٌ على التدريجِ كما تقدَّم، وهو عند البصريين محمولٌ على المجزومِ، فإن سُكِّنَ المجزومُ سُكِّن الأمرُ منه، وإنْ حُذِفَ منه حرفٌ حُذِفَ من الأمر.