ابن عطية تأوَّله ب «يقول» فإنه قال: «تقديرُه: اذكر يا محمد إذ» و «قال» هنا بمعنى «يقول» لأنَّ ظاهرَ هذا القولِ إنما هو في يوم القيامة تقدمه لقوله: {أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ} الثالث: أنه في محل رفعٍ خبراً لمتبدأ مضمر، أي: ذلك إذ قال، ذكره الواحدي وهذا ضعيفٌ، لأن «إذ» لا يُتَصَرَّف فيها، وكذلك القولُ بأنها مفعول بها بإضمار «اذكر» وقد تقدَّم تحقيقُ ذلك، اللهم إلا أَنْ يريدَ الواحدي بكونِه خبراً أنه ظرفٌ قائمٌ مقامَ خبرٍ نحو:«زيدٌ عندك» فيجوز.
قوله:{ياعيسى ابن مَرْيَمَ} تقدَّم الكلام في اشتقاق هذه المفردات ومعانيها و «ابن» صفة ل «عيسى» نُصِب لأنه مضاف، وهذه قاعدةٌ كلية مفيدة، وذلك أنَّ المنادى المفردَ المعرفة الظاهرَ الضمةِ إذا وُصف ب «ابن» أو ابنة ووقع الابن أو الابنة بين علمين أو اسمين متفقين في اللفظ ولم يُفْصَل بين الابن وبين موصوفه بشيء تثبت له أجكامٌ منها: أنه يجوزُ إتباعُ المنادى المضمومِ لحركةِ نون «ابن» فيُفتح نحو: «يا زيدَ بن عمرو، ويا هندَ ابنة بكر» بفتح الدال من «زيد» و «هند» وضمِّها، فلو كانت الضمةُ مقدرةً نحو ما نحن فيه، فإنَّ الضمة مقدرة على ألف «عيسى» فهل يُقَدَّر بناؤه على الفتح إتباعاً كما في الضمة الظاهرة؟ خلاف: الجمهورُ على عَدَمِ جوازِه، إذ لا فائدة في ذلك، فإنه إنما كان للإِتباع وهذا المعنى مفقود في الضمة المقدرة. وأجاز الفراء ذلك إجراءً للمقدر مُجْرى الظاهر، وتبعه أبو البقاء فإنه قال:«يجوز أن يكونَ على الألف من» عيسى «فتحةٌ، لأنه قد وُصِف ب» ابن «وهو بين عَلَمين، وأن يكونَ علهيا ضمةٌ، وهو مثلُ قولِك:» يا زيد بن عمرو «بفتح الدال وضمها» .
وهذا الذي قالاه غيرُ بعيدٍ، ويَشْهَدُ له مسألة عند الجميعِ: