الهاء «ففيه بُعْد، لأن عطفَ البيان أكثرُه بالجوامدِ الأعلامِ. وما اختاره الزمخشري وجَوَّزه غيرُه لا يَصِحُّ، لأنها جاءت بعد» إلا «، وكلُّ ما كان بعد» إلا «المستثنى بها فلا بُدَّ أن يكونَ له موضعٌ من الإِعراب، و» أن «التفسيرية لا موضعَ لها من الإِعراب» . انتهى.
قلت: أمَّا قوله: «إنّ ربي وربكم من كلام عيسى» ففي غايةِ ما يكون من البُعْد عن الأفهام، وكيف يَفْهم ذلك الزمخشري والسياق والمعنى يقودان إلى أنَّ «ربي» تابعٌ للجلالة؟ لا يتبادر للذهن - بل لا يُقْبل - إلا ذلك، وهذا أشدٌّ من قولهم «يؤدي إلى تهيئة العامل للعمل وقطع عنه» فآل قولُ الشيخ إلى أنَّ «اعبدوا الله» من كلام الله تعالى و «ربي وربكم» من كلام عيسى، وكلاهما مفسِّرٌ ل «أمرتَ» المسند للباري تعالى. وأمَّا قولُه «يَصِحُّ ذلك على حَذْف مضاف» ففيه بعض جودة، وأما قولُه:«إنَّ حلولَ البدل محلَّ المبدل منه غيرُ لازم» واستشهاده بما ذكر فغيرُ مُسَلِّم، لأنَّ هذا معارَضٌ بنصِّهم، على أنه لا يجوز «جاء الذي مررت به أبي عبد الله» بجرِّ «عبد الله» بدلاً من الهاء، وعَلَّلوه بأنه يلزمُ بقاءُ الموصول بلا عائدٍ، مع أنَّ لنا أيضاً في الربط بالظاهر في الصلة خلافاً قَدَّمْتُ التنبيه عليه، ويكفينا كثرةُ قولهم في مسائل:«لا يجوزُ هذا لأنّ البدل يَحُلُّ محل المبدل منه» فيجعلون ذلك علةً مانعةً، يَعْرف ذلك مَنْ عانى كلامَهم، ولولا خوفُ الإِطالة لأوردْتُ منه مسائل شتى.
وأمَّا قوله:«وكلُّ ما كان بعد» إلا «المستثنى به إلى آخره» فكلامٌ صحيح لأنها إيجابٌ بعد نفي فيستدعى تسلُّط ما قبلها على ما بعدها.
ويجوز في «أَنْ» الكسرُ على أصل التقاء الساكنين والضمُّ على الإِتباع، وقد تقدَّم تحقيقُه ونسبتُه إلى مَنْ قرأ به في قوله:{فَمَنِ اضطر}[الآية: ١٧٣] في