هل هو منصوبٌ نصبَ المفعول به أو نصبَ المصادر؟ لأنه متى وقع بعد القول ما يُفْهم كلاماً نحو:«قلت شهراً وخطبة» جَرَى فيه هذا الخلاف، وعلى كلِّ تقدير ف «يوم» منصوبٌ على الظرف ب «قال» أي: قال الله هذا القولَ أو هذه الأخبارَ في وقتِ نفع الصادقين، و «ينفع» في محلِّ خفضٍ بالإِضافة، وقد تقدَّم ما يجوزُ إضافتُه إلى الجمل، وأنه أحد ثلاثةِ أشياء، وأمَّا قراءةُ التنوين فرفعُه على الخبريةِ كقراءة الجماعة، ونصبُه على الظرفِ كقراءة نافع، إلا أنَّ الجملةَ بعده في القراءتين في محل الوصفِ لِما قبلها، والعائدُ محذوفٌ، وهي نظيرَةُ قولِه تعالى:{يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً}[البقرة: ٤٨] ، فيكونُ محلُّ هذه الجملةُ إما رفعاً أو نصباً.
قوله:{صِدْقُهُمْ} مرفوع بالفاعلية، وهذه قراءة العامة، وقُرِئ شاذاً بنصبه وفيه أربعة أوجه، أحدها: أنه منصوب على المفعول من أجله، أي: ينفعهم لأجلِ صِدْقِهم، ذكر ذلك أبو البقاء وتبعه الشيخ وهذا لا يجوزُ لأنه فاتَ شرطٌ من شروط النصب، وهو اتحاد الفاعل، فإنَّ فاعلَ النفعِ غيرُ فاعلِ الصدقِ، وليس لقائلٍ أن يقولَ:«يُنْصب بالصادقين فكأنه قيل: الذين يَصْدُقون لأجل صدقهم فيلزمُ اتحادُ الفاعل» لأنه يؤدي إلى أنَّ الشيء علة لنفسِه، وللقولِ فيه مجال. الثاني: على إسقاطِ حرف الجر أي: بصدقِهم، وهذا قد عَرَفْتَ ما فيه أيضاً من أنّ حَذْف الحرفَ لا يطَّرد. الثالث: أنه منصوب على المفعول به، والناصب له اسم الفاعل في «الصادقين» أي: الذين صَدَقوا صدقهم، مبالغةً نحو:«صَدَقْت القتال» كأنك وَعَدْتَ القتالَ