قوله:{فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ} الفاءُ هنا واضحةُ السببية. وقال المهدويُّ:«إذا جُعِلَ» فَأَزَلَّهما «بمعنَى زلَّ عن المكان كان قولُه تعالى: {فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ} توكيداً، إذ قد يمكنُ أن يزولا عن مكانٍ كانا فيه إلى مكان آخرَ» ، وهذا الذي قاله المهدوي أَشْبَهُ شيءٍ بالتأسيسِ لا التأكيدِ، لإِفادتِهِ معنىً جديداً، قال ابن عطية:«وهنا محذوفٌ يَدُلُّ عليه الظاهرُ تقديرُهُ: فأكلا من الشجَرَةِ» ، يعني بذلك أنَّ المحذوفَ يُقَدِّرُ قبلَ قولِهِ «فَأزَلَّهما» .
و {مِمَّا كَانَا} متعلِّقٌ بأَخْرَجَ، و «ما» يجوزُ أن تكونَ موصولةً اسميةً وأن تكونَ نكرةً موصوفةً، أي: من المكانِ أو النعيمِ الذي كانا فيه، أو من مكانٍ أو نعيمٍ كانا فيه، فالجملةُ مِنْ كان واسمِها وخبرِها لا محلَّ لها على الأولِ ومحلُّهَا الجرُّ على الثاني، و «مِنْ» لابتداءِ الغايةِ.
وقوله:«اهبِطوا» جملةٌ أمريةٌ في محلِّ نصبٍ بالفعلِ [قبلها] . وقُرئ:«اهبُطوا» بضم الباء وهو كثيرٌ في غيرِ المتعدِّي، وأمّا الماضي فهبَطَ بالفتحِ فقط، وجاء في مضارعِهِ اللغتان، والمصدرُ: الهُبوط بالضم، وهو النزولُ. وقيلَ: الانتقال مطلقاً. وقال المفضل:«الهبوطُ: الخروجُ من البلد، وهو أيضاً الدخولُ فيها فهو من الأضداد» . والضمير في «اهبطوا»