قوله «سخروا» وجوَّزوا أن تكون «ما» مصدرية، ذكره الشيخ، ولم يتعرَّض للضمير في «به» والذي يظهر أنه يعود على الرسل الذي يتضمَّنه الجمع، فكأنه قيل: فحاق بهم عاقبةُ استهزائهم بالرسول المندرج في جملة الرسل، وأمَّا على رأي الأخفش وابن السراج فتعود على «ما» مصدرية لأنها اسم عندهما.
وحاق ألفه منقلبة عن ياء بدليل يَحِيق، كباع يبيع، والمصدر حَيْق وحُيُوق وحَيَقان كالغَلَيان والنَّزَوان. وزعم بعضهم أنه من الحَوْق، وهو المستدير بالشيء، وبعضهم أنه من الحقّ، فأُبْدِلت إحدى القافين ياءً كتظنَّنْتُ، وهذان ليسا بشيء، أمَّا الأول فلاختلاف المادة إلا أن يريدوا الاشتقاق الأكبر، وأما الثاني فلأنها دعوى مجردة من غير دليل. ومعنى حاق أحاط، وقيل: عاد عليه وبالُ مَكْرِه، قال الفراء. وقيل: دار، والمعنى يدور على الإِحاطة والشمول، ولا تستعمل إلا في الشر. قال الشاعر:
١٨٧ - ١- فأوطأ جُرْدُ الخيلِ عُقْرَ ديارهمْ ... وحاقَ بهم من بأسِ ضَبَّةَ حائقُ
وقال الراغب:«قيل وأصله حَقَّ، فقلب نحو: زلَّ وزال، وقد قرئ:» فأزلَّهما وأزلَهما «وعلى هذا ذمَّة وذامه» وقال الأزهري: «جعل أبو إسحاق»«حاق» بمعنى أحاط، وكأن مأخذه من الحَوْق وهو ما استدار بالكَمَرَة «قال:» وجائز أن يكون الحَوْق فعلاً من حاق يحيق، كأنه في