يَسْتَمِعُونَ} [يونس: ٤٢] وقوله: {وَجَعَلْنَا على قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ} إلى آخره، حُمِل على معناها.
قوله:{وَجَعَلْنَا}«جَعَلَ» هنا يحتمل أن يكونَ للتصيير فيتعدى لاثنين، أَوَّلُهما «أكنَّةً» ، والثاني الجار قبله، فيتعلَّق بمحذوف، أي: صَيَّرنا الأكِنَّةَ مستقرَّةً على قلوبهم. ويحتمل أن يكون بمعنى خلق فيتعدَّى لواحد، ويكون الجارُّ قبله حالاً فيتعلَّق بمحذوف، لأنه لو تأخر لوقع صفةً ل «أَكِنَّة» ويُحتمل أن يكونَ بمعنى «ألقى» فتتعلق «على» بها كقولك: «ألقيت على زيدٍ كذا» وقوله: {وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي}[طه: ٣٩] .
وهذه الجملةُ تحتمل وجهين، أظهرهما: أنها مستأنفة سيقت للإِخبار بما تضمَّنَتْه من الخَتْم على قلوبهم وسمعهم. ويُحْتمل أن تكون في محلِّ نصب على الحال، والتقدير: مَنْ يستمع في حال كونه مجعولاً على قلبه كِنانٌ وفي أذنه وَقْرٌ، فعلى الأول يكون قد عطف جملةً فعلية على اسمية، وعلى الثاني تكون الواو للحال، و «قد» مضمرة، بعدها عند مَنْ يقدِّرها قبل الماضي الواقع حالاً.
والأَكِنَّة: جمع كِنان وهو الوعاء الجامع. قال:
١٨٨ - ٣- إذا ما انْتَضْوها في الوغَى مِنْ أكنَّةٍ ... حَسِبْتَ بروقَ الغيث تأتي غيومُها
وقال بعضهم: «الكِنُّ - بالكسر - ما يُحْفَظُ فيه الشي، وبالفتح المصدر. يقال: كنَّنْتُه كِنَّاً أي: جعلتُه في كِنّ، وجُمِعَ على أَكْنان قال تعالى:{مِّنَ الجبال أَكْنَاناً}[النحل: ٨١] . والكِنانُ: الغِطاء الساتر، والفعل من هذه المادة