متوهماً يُعْطَفُ هذا المصدر المنسبك من «أَنْ» وما بعدها عليه، والتقدير: يا ليتنا لنا رَدُّ وانتفاءُ تكذيب بآيات ربنا وكون من المؤمنين، أي: ليتنا لنا ردُّ مع هذين الشيئين، فيكون عدمُ التكذيب والكونُ من المؤمنين مُتَمَنَّيَيْنِ أيضاً، فهذه الثلاثةُ الأشياءِ: أعني الردَّ وعدمَ التكذيب والكونَ من المؤمنين متمنَّاةٌ بقيد الاجتماع، لا أنَّ كلَّ واحدٍ متمنَّى وحدَه؛ لأنه كما قَدَّمْتُ لك: هذه الواوُ شرطُ إضمار «أنْ» بعدها: أن تصلح «مع» في مكانها، فالنصبُ يُعَيِّنُ أحدَ محتملاِتها في قولك «لا تأكلِ السمك وتشرب اللبن» وشبهه، والإِشكالُ المتقدم وهو إدخال التكذيب على التمني واردٌ هنا، وقد تقدم جواب ذلك، إلا أن بعضَه يتعذَّر ههنا: وهو كون لا نكذِّبُ، ونكونُ «متسأنَفَيْن سِيقا لمجرد الإِخبار، فبقي: إمَّا لكون التمني دخله معنى الوعد، وإمَّا أن قوله تعالى:{وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} ليس راجعاً إلى تمنِّيهم، وإمَّا لأنَّ التمنِّي يدخله التكذيب، وقد تقدَّم فساده.
وقال ابن الأنباري: «أَكْذَبَهم في معنى التمني؛ لأن تمنِّيَهم راجعٌ إلى معنى:» نحن لا نكذِّب إذا رُدِدْنا «فغلَّب عزَّ وجل تأويلَ الكلام فأكذبهم، ولم يُسْتعمل لفظ التمني» وهذا الذي قاله ابن الأنباري تقدَّم معناه بأوضح من هذا. قال الشيخ:«وكثيراً ما يوجد في كتب النحو أنَّ هذه الواوَ المنصوبُ بعدها هو على جواب التمني، كما قال الزمخشري:» وقرئ: ولا نكذِّبَ ونكونَ بالنصب بإضمار أَنْ على جواب التمني، ومعناه: إنْ رُدِدْنا لم نكذِّبْ ونكنْ من المؤمنين «. قال:» وليس كما ذكر، فإنَّ نَصْبَ الفعل بعد الواو ليس على جهة الجواب؛ لأنَّ الواوَ لا تقع [في] جواب الشرط فلا ينعقد