المعنى على المبالغة في شدة التحرُّ، وكأنهم نادوا التحسُّر، وقالوا: إن كان لكِ وقتٌ فهذا أوان حضورك. ومثله:«يا ويلتا» ، والمقصودُ التنبيهُ على خطأ المنادي حيث ترك ما أحوجه تركه إلى نداء هذه الأشياء.
قوله:{على مَا فَرَّطْنَا} متعلقٌ بالحَسْرة، و «ما» مصدريةٌ، أي: على تفريطنا. والضمير في «فيها» يجوز أن يعود على الساعة، ولا بد من مضاف أي: في شأنها والإِيمان بها، وأن يعود على الصفقة المتضمَّنة في قوله:{قَدْ خَسِرَ الذين} قاله الحسن، أو يعود على الحياة الدنيا وإن لم [يَجْرِ] لها ذِكْرٌ لكونها مَعْلومةً، قاله الزمخشري. وقيل: يعود على مازلهم في الجنة إذا رأَوْها. وهو بعيدٌ.
والتفريطُ: التقصيرُ في الشيء مع القدرة على فعله. وقال أبو عبيد:«هو التضييع» وقال ابن بحر: «هو السَّبْق، منه الفارط أي السابق للقوم، فمعنى فرَّط بالتشديد خلَّى السبق لغيره، فالتضعيف فيه للسَّلْب كجلَّدْتُ البعير ومنه {فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً}[الإِسراء: ٧٩] .
قوله:{وَهُمْ يَحْمِلُونَ} الواو للحال، وصاحب الحال الواو في» قالوا «أي: قالوا: يا حَسْرَتَنا في حالةِ حَمْلِهم أوزارَهم. وصُدِّرت هذه الجملة بضمير مبتدأ ليكون ذِكْرُه مرتين فهو أبلغُ، والحَمْلُ هنا قيل: مجازٌ عن مقاساتهم العذابَ الذي سببُّه الأوزارُ، وقيل: هو حقيقةٌ. وفي الحديث:» إنه يُمَثَّل له عملُه بصورةٍ قبيحةٍ مُنْتِنَةِ الريح فيحملها «وخُصَّ الظهرُ لأنه يُطِيق من الحمل ما لا يُطِيقه غيره من الأعضاء كالرأس والكاهل، وهذا كما تقدَّم في {