قال الشيخ:» ولا يتعيَّن أن تكون «ما» في البيت خبراً مجرداً بل تحتمل الأوجهَ الثلالثة «انتهى وهو ظاهر.
الثاني: أن تكون للتعجُّبِ فتنتقل من فَعَل بفتح العين إلى فَعُل بضمها، فتُعْطى حكمَ فعل التعجب: من عدم التصرُّفِ والخروج من الخبر المحض إلا الإِنشاء، إن قلنا: إن التعجب إنشاءٌ وهو الصحيح، والمعنى: ما أسوأ - أي أقبح- الذي يَزِرُونه أو شيئاً يَزِرُونه أو وِزْرُهم، الثالث: أنها بمعنى بئس فتكون للمبالغةِ في الذم فتُعْطى أحكامَها أيضاً، ويجري الخلاف في» ما «الواقعةِ بعدها حَسْبما ذكر في {بِئْسَمَا اشتروا}[البقرة: ٩٠] . وقد ظهرالفرقُ بين هذه الأوجه الثلاثة فإنها في الأول متعدية متصرفة والكلام معها خبرٌ محض، وفي الأخيرين قاصرة جامدة إنشائية. والفرق بين الوجهين الأخيرين أنَّ التعجبيَّة لا يُشْترط في فاعلها ما يشترط في فاعل بئس. وقال الشيخ:» والفرقُ بين هذا الوجهِ - يعني كونها بمعنى بئس - والوجه الذي قبله - يعني كونَها تعجبيَّةً - أنه لا يُشترط فيه ما يُشترط في فاعل «بئس» من الأحكام ولا هو جملةٌ منعقدةٌ من مبتدأ وخبر، وإنما هو منعقدٌ من فعل وفاعل «. انتهى.
وظاهرهُ لا يَظْهر إلا بتأويل وهو أن الذمَّ لا بد فيه من مخصوصٍ بالذم وهو مبتدأ، والجملة الفعلية قبله خبره فانعقدَ من هذه الجملةِ متبدأٌ وخبر، إلا أنَّ لقائلٍ أن يقول: إنما يتأتَّى هذا على أحد الأعاريب في المخصوص، وعلى تقدير التسليم فلا مَدْخَل للمخصوص بالذم في جملة الذم بالنسبة إلى كونها فعليةً فحينئذ لا يظهر فرقٌ بينهم وبين التعجبية في أنَّ كلاً منها منعقدة في فعلٍ وفاعل.