على حقيقته وهو ظرف ل «صُمُّ» أو ل «بُكْم» قال أبو البقاء: «أو لِما ينوبُ عنهما في الفعل» أي: لأن الصفتين في قوة التصريح بالفعل.
قوله:{مَن يَشَإِ الله يُضْلِلْهُ} في «مَنْ» وجهان، أحدهما: أنها مبتدأ وخبرها ما بعدها، وقد عُرِف غير مرة. ومفعول «يشأ» محذوف أي: مَنْ يشأ الله إضلاله. والثاني: أنه منصوب بفعل مضمر يفسِّره ما بعده من حيث المعنى، ويقدِّر ذلك الفعل متأخراً عن اسم الشرط لئلا يلزمَ خروجه عن الصدر، وقد تقدَّم التنبيهُ على ذلك وأن فيه خلافاً، والتقدير: مَنْ يُشْقِ اللهُ يَشَأْ إضلاله ومن يُسْعِدْ يَشَأ هدايته. فإن قلت: هل يجوز أن تكون «مَنْ» مفعولاً مقدَّماً ل «يشأ» ؟ فالجواب أن ذلك لا يجوز لفساد المعنى. فإن قلت: أُقَدِّرُ مضافاً هو المفعول حُذِفَ وأقيمت «مَنْ» مُقامه تقديره: إضلال مَنْ يشاء وهداية من يشاء، ودلَّ على هذا المضاف جوابُ الشرط. فالجوابُ أنَّ الأخفشَ حكى عن العرب أنَّ اسم الشرط غير الظرف والمضاف إلى سام الشرط لا بد أن يكون في الجزاء ضمير يعود عليه أو على ما أُضيف إليه، فالضمير في «يُضْلِلْه» و «يِجْعَلُه» إمَّا أن يعود على المضاف المحذوف ويكونَ كقوله: {أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ}[النور: ٤٠] فالهاء في «يغشاه» تعود على المضاف أي: كذي ظلمات يَغْشاه، وإمَّا أن يعود على اسم الشرط، والأول ممتنع، إذ يصير التقدير: إضلال مَنْ يشأ الله يُضْلِلْه أي: يُضِلُّ الإِضلال، وهو فاسدٌ.
والثاني: أيضاً ممتنعٌ لخلوِّ الجوابِ من ضمير يعود على المضاف إلى اسم الشرط. فإن قيل: يجوز أن يكون المعنى: مَنْ يشأ الله بالإِضلال وتكون «مَنْ» مفعولاً مقدماً؛ لأنَّ «شاء» بمعنى أراد، و «أراد» يتعدى بالباء قال: