للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على الداعين» . قال الشيخ: «وقيل: الضميرُ في» حسابهم «و» عليهم «عائد على المشركين وتكون الجملتان اعتراضاً بين النهي وجوابه» ، وظاهر عبارته أن الجملتين لا تكونان اعتراضاً إلا على اعتقاد كون الضميرين «في حسابهم» و «عليهم» عائدَيْن على المشركين، وليس الأمرُ كذلك، بل هما اعتراضٌ بين النهي وهو «لا تَطْرُدِ» وبين جوابِه وهو فتكونَ «وإن كانت الضمائر كلها للمؤمنين، ويدل على ذلك أنه قال بعد ذلك في» فتكون «:» وجوَّزوا أن يكون جواباً للنهي في قوله {وَلاَ تَطْرُدِ} وتكون الجملتان وجوابُ الأول اعتراضاً بين النهي وجوابه «فجعلهما اعتراضاً مطلقاً من غير نظر إلى الضميرين.

ويعني بالجملتين «وما عليك من حسابهم مِنْ شيء» و «ما من حسابك عليهم من شيء» وبجواب الأول قوله {فَتَطْرُدَهُمْ} .

قوله تعالى: {فَتَطْرُدَهُمْ} فيه وجهان، أحدهما: منصوب على جواب النهي بأحد معنيين فقط، وهو انتفاءُ الطَّرْدِ لانتفاء كون حسابهم عليه وحسابه عليهم، لأنه ينتفي المُسَبِّب بانتفاء سببه، ويتوضَّح ذلك في مثال وهو «ما تأتينا فتحدِّثنا» بنصب «فتحدِّثَنا» وهو يحتمل معنيين، أحدُهما: انتفاءُ الإِتيان وانتفاء الحديث، كأنه قيل: ما يكون منك إتيانٌ فكيف يقع منك حديث؟ وهذا المعنى هو مقصود الآية الكريمة أي: ما يكون مؤاخذةٌ كلِ واحدٍ بحساب صاحبه فيكف يقع طرد؟ والمعنى الثاني: انتفاء الحديث وثبوت الإِتيان كأنه قيل: ما تأتينا مُحَدِّثاً بل تأتينا غيرَ محدِّث. وهذا المعنى لا يليق بالآية الكريمة، والعلماء - رحمهم الله - وإن أطلقوا قولهم إنه منصوبٌ على جواب النفي، فإنما يريدون المعنى الأول دون الثاني: والثاني: أن يكون منصوباً على جواب النهي.

<<  <  ج: ص:  >  >>