ما يدُلُّ على لزومِ النونِ كما ترى، غايةُ ما فيه أنَّهما اشترطا في صِحَّةِ تأكيدِه بالنونِ زيادةَ» ما «على» إنْ «، أمَّا كونُ التأكيدِ لازماً أو غيرَ لازم فلم يتعرَّضا له، وقد جاء تأكيدُ الشرطِ بغيرِ» إنْ «كقوله:
٣٩٣ - مَنْ نَثْقَفَنْ منهم فليس بآئِبِ ... أبداً وقتلُ بني قُتَيْبَةَ شافي
و» مني «متعلق ب» يَأْتِيَنَّ «، وهي لابتداءِ الغاية مَجازاً، ويجوز أن تكون في محلِّ حالٍ من» هُدَىً «لأنه في الأصل صفةُ نكرةٍ قُدِّم عليها، وهو نظيرُ ما تَقَدَّم في قوله تعالى:{مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ}[البقرة: ٣٧] ، و» هُدى «فاعلٌ، والفاءُ مع ما بعدها مِنْ قولِه:{فَمَن تَبِعَ} جوابُ الشرطِ الأولِ، والفاءُ في قوله تعالى:{فَلاَ خَوْفٌ} جوابُ الثاني، وقد وقع الشرطُ [الثاني وجوابُه جوابَ الأول، ونُقِل عن الكسائي أن قوله:{فَلاَ خَوْفٌ} جوابُ الشرطين] معاً. قال ابن عطية بعد نَقْلِه عن الكسائي:» هكذا حُكِي وفيه نَظَرٌ، ولا يتوجَّه أن يُخالَفَ سيبويه هنا، وإنما الخلافُ في نحوِ قولِه:{فَأَمَّآ إِن كَانَ مِنَ المقربين فَرَوْحٌ}[الواقعة: ٨٨-٨٩] فيقولُ سيبويهِ: جوابُ أحدِ الشرطينِ محذوفٌ لدلالةِ قوله «فَرَوْحٌ» عليه. ويقول الكوفيون «فَرَوْح» جوابُ الشرطين. وأمَّا في هذه الآية فالمعنى يمنع أَنْ يكونَ «فلا خوف» جواباً للشرطين «. وقيل: جوابُ الشرطِ الأول محذوفٌ