أي: إذا جاؤوك سلِّمْ عليهم» ولا حاجةَ تدعو إلى ذلك مع فوات قوة المعنى، لأن كونه يبلَّغهم السلام والإِخبارَ بأنه كتب على نفسه الرحمة، وأنه من عَمِل سوءاً بجهالة غفر له، لا يقوم مقامَه السَّلامُ فقط، وتقديره يُفْضي إلى ذلك.
وقوله:{سَلاَمٌ} مبتدأ وجاز الابتداء به وإن كان نكرةً لأنه دعاءٌ، والدعاء من المسوِّغات. وقال أبو البقاء:«لما فيه من معنى الفعل» وهذا ليس من مذهب جمهور البصريين إنما هو شيء نُقل عن الأخفش: أنه إذا كانت النكرة في معنى الفعل جاز الابتداء بها ورَفْعُها الفاعل وذلك نحو: قائمٌ أبواك، ونَقَل ابن مالك أن سيبويه أومأ إلى جوازه، واستدل الأخفش بقوله:
١٩٣ - ٣- خبيرٌ بنو لِهْبٍ فلاتك مُلْغِياً ... مقالةَ لِهْبِيِّ إذا الطيرُ مَرَّتِ
ولا دليلَ فيه؛ لأنَّ فَعيلاً يقع بلفظ واحد للمفرد وغيره، ف «خبير» خبرٌ مقدَّمٌ، واستدلَّ له أيضاً بقول الآخر:
١٩٣ - ٤- فخيرٌ نحنُ عند الناسِ منكمْ ... إذا الداعي المثوِّبُ قال يالا
فخير مبتدأ، و «نحن» فاعل سدَّ مَسَدَّ الخبر،
فإن قيل: لِمَ لا يجوز أن يكون «خير» خبراً مقدماً، «ونحن» مبتدأ